ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم. حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية وتفكيرا إسلاميا ... هو كذلك من صنع هذه الجاهلية.
لذلك لا تستقيم قيم الإسلام في نفوسنا، ولا يتضح تصور الإسلام في عقولنا، ولا ينشأ فينا جيل ضخم من الناس من ذلك الطراز الذي أنشأه الإسلام أول مرة.
فلابد إذن في منهج الحركة الإسلامية أن نتجرد في فترة الحضانة والتكوين من كل مؤثرات الجاهلية التي نعيش فيها، ونستمد منها. لا بد أن نرجع ابتداء إلى النبع الخالص الذي استمد منه أولئك الرجال. النبع المضمون الذي لم يختلط ولم تشبه شائبة، نرجع إليه نستمد منه تصورنا لحقيقة الوجود كله ولحقيقة الوجود الإنساني ولكافة الارتباطات بين هذين الوجودين وبين الوجود الكامل الحق: وجود الله سبحانه ... ومن ثم نستمد تصوراتنا للحياة وقيمنا وأخلاقنا، ومفاهيمنا للحكم والسياسة والاقتصاد وكل مقومات الحياة.
ثم لا بد لنا من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي والتصورات الجاهلية، والتقاليد الجاهلية والتقاليد الجاهلية في خاصة نفوسنا ... ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي ولا أن ندين بالولاء له، فهو بهذه الصفة ... صفة الجاهلية ... غير قابل لأن نصطلح معه. إن مهمتنا أن نغير من أنفسنا أولا لنغير هذا المجتمع أخيرا.
وسنلقى في هذا عنتا ومشقة، وستفرض علينا تضحيات باهظة، ولكننا لسنا مخيرين إذا نحن شئنا أن نسلك طريق الجيل الأول الذي أقر الله به منهجه الإلهي ونصره على منهج الجاهلية ".
من أجل ذلك كان لا بد للعاملين من أجل الدعوة الإسلامية أن يتعاونوا جميعا على الخلاص من كل ما هو جاهلي مخالف للإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلا
1 / 61