وأقروا على أنفسهم بما قالوا، متمثلين به، أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم، مثل قول بعض رؤسائهم:
نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ويقول الآخر منهم:
" أكثر الناس شكا عند الموت أصحاب الكلام".
ثم إذا حق عليهم الأمر لم يوجد عندهم من حقيقة العلم بالله وخالص المعرفة به خبر، ولا وقعوا من ذلك على عين وعلى أثر.
كيف يكون هؤلاء المنقصون المحجوبون الحيارى المتهوكون أعلم بالله وآياته من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان من ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل، وأعلام الهدى ومصابيح الدجى، الذي بهم قام الكتاب وبه قاموا، الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء وأحاطوا من حقائق المعارف وبواطن الحقائق بما لو جمعت حكمة غيرهم إليها لاستحيا من يطلب المقابلة.
ثم كيف يكون خير قرون الأمة أنقص في العلم والحكمة لا سيما العلم بالله وأحكام أسمائه وآياته من هؤلاء الأصاغر بالنسبة إليهم؟ أم كيف يكون أفراخ المتفلسفة وأتباع الهند واليونان أعلم بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن والإيمان؟! "
وقال العلامة السفاريني في "شرح العقيدة" "١/ ٢١ - مختصره":
" فمن المحال أن يكون المخالفون أعلم من السالفين كما يقوله بعض من لا تحقيق له به ممن لا يقدر قدر السلف ولا عرف الله تعالى ولا رسوله ولا
1 / 34