و«الطباب» - وقاك الله شر البطنة - لا يقنع بالوجبة على المائدة، بل إنه ما يكاد يرفع يده عن غاية الطعام، حتى يهرول في التماس مائدة أخرى في العرس نفسه، أو في عرس غيره، من حيث قدر المدخل، وغفلة الأعين وجودة الطعام، حتى لقد يوالي بين ست وجبات أو سبع في ليلة واحدة، ما يثقله بشم،
6
ولا ترهقه كظة ولا يضيق له كظم،
7
كأن معدته نحتت من حجر أو قدت من حديد، وحق فيها: «يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد»؟! ...
ثم إنه لا يكتفي بكل ما يدس في جوفه، ويقذف في بطنه، بل إنه لدائب جاهد، ما أصاب الغرة وأمن الرقبة، في أن يدس في جيبه كل ما تيسر له من اللحمان والمحاشي والحلوى والفاكهة، وقد يراه على هذا بعض مؤاكليه فلا يتعرضون له من رحمة أو من حياء! •••
وبعد، فهذا كان شأن عامة الطفيليين أو (الطبابين) في الجيل الماضي، على أنه كان لخاصتهم شأن لعله أكرم من هذا الشأن، فإذا تحريت الدقة في التعبير قلت لعله أقل هوانا، وأضعف امتهانا.
وفي «الطبابين» أيضا خاصة، كما في سائر طبقات الناس خاصة، وخاصة «الطبابين» هم جباههم وعرفاؤهم وسراتهم، وناهيك بالنديم، الظريف، المحاضر السري، الوجيه، الجميل السمت والفاخر البزة، المرحوم الشيخ حسن غندر، والشيخ حسن غندر حقيق بأن يؤثر وحده بمقال طويل، فللرجل في مفاخر التطفيل تاريخ حفيل.
الشيخ حسن غندر
وما أدراك ما الشيخ حسن غندر؟ لقد كان الشيخ غندر من مباهج مصر، وآية يتيه بها ذلك العصر على كل عصر، نعم لقد كان المفرد العلم في «فن» التطفيل، وهيهات يجود الزمان بمثله «فإن الزمان بمثله لبخيل»!
ناپیژندل شوی مخ