وَأغْرب الحكم فِي بأسماء حربه هَذِه عِنْدَمَا حمى وطيسها بنادرة مَا سمع لأحد من الْمُلُوك بِمِثْلِهَا وَذَلِكَ أَنه فِي مقَامه بالسطح وَعند بَصَره باشتداد الْحَرْب دَعَا بقارورة غَالِيَة فَجَاءَهُ بهَا خَادِم لَهُ فأفرغها على رَأسه فَلم يملك الْخَادِم نَفسه أَن قَالَ لَهُ وأية سَاعَة طيب هَذِه فَقَالَ اسْكُتْ لَا أم لَك وَمن أَيْن يعرف قَاتل الحكم رَأسه من رَأس غَيره ثمَّ أعتق مماليكه ووالى الْإِحْسَان عَلَيْهِم وَجعل يَقُول مَا استعدت الْمُلُوك بِمثل الرِّجَال وَلَا حامى عَنْهَا كعبيدها وَكَانَ مِمَّن هرب من أهل الربض إِلَى طليطلة الْفَقِيه يحيى بن يحيى ثمَّ أَمنه الحكم وَكَانَ مِنْهُم طالوت بن عبد الْجَبَّار الْمعَافِرِي أحد من لقى مَالك بن أنس استخفى عِنْد يَهُودِيّ أحسن خدمته ثمَّ انْتقل إِلَى الْوَزير الإسكندارني واثقًا بِهِ فسعى بِهِ إِلَى الحكم وَأمكنهُ مِنْهُ فَوَجَدَهُ أغْلظ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قرر عَلَيْهِ ذنُوبه قَالَ لَهُ إِنِّي أبغضتك لله وَحده فَلم ينفعك عِنْدِي مَا صَنعته معي وَأخْبرهُ مَا جرى لَهُ مَعَ الْيَهُودِيّ والوزير فرقق الله قلبه عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِن الَّذِي أبغضتني من أَجله قد صرفني عَنْك وَنقص الاسكندراني فِي عين الحكم قَالَ وَلَقَد بلغ من استخفاف أهل الربض بالحكم أَنهم كَانُوا يُنَادُونَهُ لَيْلًا من أَعلَى صوامعهم الصَّلَاة الصَّلَاة يَا مخمور وَلم يتمل بالعيش بعد هَذِه الْوَقْعَة من عِلّة طاولته أَرْبَعَة أَعْوَام فَمَاتَ نَادِما مُسْتَغْفِرًا وَكَانَ مِمَّا نعوه عَلَيْهِ أَن جعل الْعشْر ضريبة على النَّاس بعد أَن كَانَ مصروفًا إِلَى أمانتهم
سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ
بَايع الحكم لابْنَيْهِ بالعهد عبد الرَّحْمَن ثمَّ الْمُغيرَة فانخلع الْمُغيرَة لِأَخِيهِ وَمَات مكرمًا فِي حَيَاته وَله عقب كثير وَالْحكم أول من عقد الْعَهْد مِنْهُم وفيهَا توفّي الحكم
1 / 43