من النصارى واليهود والفرس والروم، مبينا ذلك بالتفصيل والقول الصحيح، وسميته: «تاريخ الواصلين في أخبار الخلفاء الملوك والسلاطين»، مبتديا من سنة ثلاثين بعد الخمسمائة إلى ثمانين وستمائة، وهو نعم الوكيل. . .» (١). والعجيب أن موضوع الكتاب لا يحقق هذه الأهداف التي أعلنها الناسخ في مقدمته، فهو أوّلا وأخيرا تاريخ لملوك بنى أيوب.
وقد أردت بعد هذا التعرف على شخصية هذا الناسخ المغتصب فأعيانى البحث، بل لقد أثار البحث أمامى مشكلات جديدة. فالمؤرخ - كما يتضح من حرد الكتاب - من رجال القرن التاسع الهجرى، فمن المرجح إذن أن يكون قد ترجم له السخاوى في «الضوء اللامع» لأنه كان يشغل وظيفة هامة من وظائف الدولة - وهى كتابة السر -، والسخاوى يترجم للكثيرين ممن لم يكن لهم ذكر أو شأن كالتجار والصناع والفقراء والصوفية وغيرهم. ومع هذا فلم أجد لشمس الدين أحمد ابن أحمد الزينى ترجمة في الضوء اللامع. ورجعت إلى قائمة كتاب السر التي أوردها كاملة القلتشندى (٢)، وابن تغرى بردى (٣)، فلم أجد بها ذكرا لهذا الرجل؛ وإنما جاء بها أن الذى تولى كتابة السر من سنة ٨١٦ إلى سنة ٨٢٣ هو ناصر الدين محمد البارزى، وكذلك نص كاتب النسخة شمس الدين على أنه فرغ من كتابتها في المحرم سنة ٨٢١ هـ ثم أتبع اسمه بقوله: «كاتب (٤) السر لحضرة مولانا السلطان برقوق» ثم دعا للسلطان بقوله: «أدام الله عزه وأنصاره» مما يفهم منه أن السلطان برقوق كان لا يزال حيا في تلك السنة (٨٢١)، وقد بدا لنا هذا أمرا عجيبا حقا، فإن السلطان الملك الظاهر برقوق حكم مصر من سنة ٧٨٤ إلى سنة ٨٠١، والسلطان الذى كان يحكم مصر في سنة ٨٢١ هو المؤيد شيخ فقد حكم بين سنتى ٨١٥ و٨٢٤
_________
(١) انظر المقدمة الأصلية للمؤلف والأجزاء الأولى التي أسقطها الناسخ من الكتاب الأصلى، فهذه جميعا تكون الصفحات ١ - ٣٨ من نسخة ك، والصفحات ١ - ٦٥ من هذا الجزء الأول المطبوع. انظر ما بلى هنا ص ٦٥، هامش ١، وص ٦٩، هامش ٢
(٢) صبح الأعشى، ج ١، ص ٩٩ - ١٠٠
(٣) النجوم الزاهرة، ج ٧، ص ٣٤٠ - ٣٤١
(٤) كاتب السر هو من كان يسمى قديما كاتب الانشاء أو صاحب ديوان الانشاء، وقد غير هذا اللقب إلى «كاتب السر» منذ عهد المنصور قلاوون. انظر: (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج ٧، ص ٣٣٣ وما بعدها).
م 1 / 11