وأما قوم آخرون فقالوا إن النظر إنما عرفته الأوائل من حالات الكواكب فأما المقابلة فإنما صارت من تمام النور في جرم القمر لأن القمر لا يزال زائدا في النور حتى يصير في مقابلة الشمس فإذا زال من ذلك المكان نقص من ضوئه وأما التربيع فإنما عرفوه من حال الكواكب من أوجاتها لأنه عند كل تسعين درجة يتباعدها الكوكب من رأس أوجه يتغير حاله في سيره فأما التثليث فإنما عرفوه من الكوكبين السفليين لأنه إذا كان بين أحدهما وبين الشمس مائة وعشرون درجة بالتقريب رجعا إن كانا مستقيمين واستقاما إن كانا راجعين فأما التسديس فهو قدر موافق لنصف قطر الفلك ولقدر بعد بيتي الزهرة من بيتي النيران
فللعلل التي ذكرنا علموا نظر الكواكب وإنه إذا طلع من برج من البروج شيء من الأشياء تكون مناسبة تلك الدرجة الطالعة ونظرها في عدد البروج زائلة عن الدرج التي كنا ذكرناها وذلك لأن الطالع إذا كان في أول درجة من الحمل وقع تسديسه في أول الجوزاء وتربيعه في أول السرطان وتثليثه في أول الأسد وكذلك يكون نظره في الجهة الأخرى وكلما زاد درج طلوع الحمل على ما ذكرنا زاد في درج نظره إلى البروج التي ينظر إليها فالحمل ينظر إلى الجوزاء والدلو نظر تسديس وإلى السرطان والجدي نظر تربيع وإلى الأسد والقوس نظر تثليث وإلى الميزان نظر مقابلة وعلى هذه الحال يكون قدر مناظرة كل برج إلى غيره من البروج
مخ ۶۱۴