114

مدخل کبیر

ژانرونه

وقد زعم قوم أن المد والجزر قد يكونان في المياه العذبة مثل مياه مدينة البصرة ومدينة الصين ومواضع كثيرة من أرجل البحار والجزائر التي تكون مياهها عذبة ويكون فيها المد والجزر فقلنا إن مياه البصرة والصين وسائر المواضع التي حالها كحالهما ومياهها عذبة فإنها مغائض الأنهار وأودية عذبة تجري إليها من مواضع ونواحي أخر غير البحر وهي متصلة بماء البحر المالح فيوجد في هذه المياه وما كان مثلها من المياه العذبة المد والجزر لاتصالها بماء البحر ولو لم يتصل هذه المياه العذبة بماء البحر لم يوجد فيها المد والجزر

فأما المد فإن مائه يكون فا ترا وأما الجزر فإن مائه يكون باردا وذلك لأن في وقت المد يخرج الماء من عمق البحر وهو فا تر وتزيده حركته وتحريك القمر له فتورا فلهذه العلة يكون ماء المد فا ترا وكلما كان المد أغلب وأكثر كان أفتر وإنما ذلك لكثرة حركته وكثرة خروج المياه التي في قعر البحر فإذا صار ذلك الماء في المواضع البعيدة من عمق البحر كالشطوط والجزائر والأودية والمغائض والبطائح يبرد فيرجع بذلك البرد إلى البحر فلذلك صار ماء الجزر باردا

والذي يفعله القمر بطبيعته في ماء البحر إنما هو المد فأما الجزر فليس هو من فعل القمر وإنما ذلك فعل طبيعة الماء لأن القمر إذا بلغ إلى موضع من المواضع الدالة على المد كان هناك ابتداء المد إلى أن يبلغ القمر إلى نهاية دلالته على المد في ذلك الموضع فهناك ينتهي المد فإذا انتهت قوة المد منتهاه في ذلك الوقت رجع الماء بطبيعته إلى مكانه الذي كان خرج منه وهو الجزر

مخ ۲۸۰