لماذا قفزت فوق سلم حياتي؟ لماذا لم أرشف كأس حياتي رشفة رشفة؟ لماذا لم أقضم عمري قضمة قضمة؟ لماذا جريت شوطي قفزا ولهثا؟ لماذا تركت مكاني في الصف وقفزت فوق الصفوف؟
إن صفوف الناس تزحف في الطريق، تزحف كالسلحفاة ولكنها ستصل يوما، وإن الحياة تسير إلى الأمام، تسير ببطء ولكنها ستبلغ حتما ما تريد. لقد انقضت ملايين السنين حتى أصبحت الهيولة هواء، وحتى أصبح الهواء ماء، وحتى أصبح الماء جمادا. وانقضت ملايين أخرى حتى أصبح الجامد أميبا تتحرك، وحتى أصبح للأميبا زوائد حية. وانقضت ملايين أخرى لتصبح الزوائد زعانف، ثم لتصبح الزعانف أجنحة، ثم لتصبح الأجنحة أذرعا وذيلا. وانقضت ملايين أخرى ليصبح للأذرع أصابع، ولينقرض الذيل ويقف القرد على قدمين اثنتين.
لماذا حزنت في طفولتي لأني لا أطير في الجو كالحمامة؟ لماذا ضقت بتلك الأيام الدامية التي تلوث النساء كل ثلاثين يوما؟ لماذا تمردت على التاريخ والقوانين والتقاليد؟
لماذا ثرت لأن العلم لم يكتشف سر البروتوبلازم الحي؟
سوف تنقضي السنون ويغير الزمن التاريخ والقوانين والتقاليد.
سوف تنقضي السنون وتكتشف الحياة طريقة نظيفة جميلة تنضج بها البنات الصغار، سوف تنقضي السنون ويخف جسم الإنسان فيطير، سوف تنقضي السنون ويهتدي العلم إلى سر البروتوبلازم الحي. إن ركب الزمن يسير، وإن الحياة تعثر كل يوم على شيء جديد. لماذا استبطأت الزمن فنهشت تروسه أوصال عمري؟
لماذا تعجلت الحياة فلفظتني عجلاتها وقذفت بي إلى فوق ... فوق ... إلى قمة عالية حقا، ولكن الوحدة تغلفها ويكسوها الجليد.
آه ...
ما أقسى الصمت! وما أرق أصوات البشر ولو كانت ضجيجا!
ما أبرد الوحدة! وما أدفأ أنفاس الناس ولو كانت مريضة!
ناپیژندل شوی مخ