وقال المستر ونكل وقد بدأ لونه يتغير: «أظنهم ... أحسبهم يهمون بإطلاق النار.»
ولكن المستر بكوك قال في عجلة: «هذا كلام فارغ!»
وقال المستر سنودجراس في شيء من الفزع: «أعتقد أنهم سيفعلون ...»
فأجاب المستر بكوك: «مستحيل.» ولم يكد يفوه بهذه الكلمة حتى صوب جنود الآلايات الستة في حركة واحدة فوهات بنادقهم، كأنما يوشكون أن يسددوها إلى هدف واحد مشترك، وهذا الهدف هو معاشر البكويكيين، وإذا دوي مروع يدوي، فيرج الأرض رجا، ويهزها من نقطة ارتكازها هزا، كما يهز سيدا كبيرا ويقتلعه من مكانه اقتلاعا.
وفي ذلك الموقف العصيب، موقف التعرض للنيران المروعة من الذخيرة «الرش»، والمضايقة من حركات القوات العسكرية، وقد أخذ قسم منها يصطف في الجبهة المقابلة، راح المستر بكوك يبدي من السكينة التامة ورباطة الجأش، ما يلازم صفات الرجل الكبير العقل، ويقترن عادة بسجاياه وخلاله ؛ فقد أمسك المستر ونكل من ذراعه، واتخذ موقفه بين هذا والمستر سنودجراس، راجيا بجد منهما أن يذكرا أن ليس ثمة خطر مباشر، يدعو إلى الخوف من إطلاق النار، إلا ما قد يحتمل من الإصابة بالصم من شدة الدوي وقصفه.
وهنا اعترض المستر ونكل، وقد اصفر وجهه من الافتراض الذي كان هو الذي أثاره بقوله: «ولكن افرض أن بعض الجنود قد وضع خطأ رصاصا حيا في «ظروفه» وخراطيشه، فقد سمعت شيئا يصفر في الفضاء اللحظة، وقد مرق الصوت الصافر بقرب أذني.»
وقال المستر سنودجرادس: «لخير لنا أن ننبطح على وجوهنا، أليس ذلك أحجى وأحكم؟»
وقال المستر بكوك: «لا ... لا ... لقد انتهى كل شيء الآن.»
وقد بدت شفتاه ترجفان، وصفحة وجهه تبيض وتشحب، ولكن شفتيه لم تنفرجا عن أي تغيير من خوف أو جزع، شأن الرجل الخالد الذي لا يخشى الموت.
وكان المستر بكوك على حق ... فقد انقطع إطلاق النيران، ولكن لم يكد يتسع الوقت له ليهنئ نفسه بصواب رأيه، حتى شوهدت في الميدان حركة واسعة، وسرت في الصفوف أوامر عاجلة، وقبل أن يتمكن الرفقاء الثلاثة من تكوين رأي في معنى هذه الحركات الجديدة، أقبلت الآلايات الست بأجمعها شاهرات الأسنة، متقدمات بخطوة سريعة نحو البقعة التي كان السيد بكوك وصاحباه واقفين فيها.
ناپیژندل شوی مخ