ولشد ما سب المستر ونكل ولعن في أعماقه صداقة صاحبه وتفانيه، وهما منطلقان في صمت جنبا إلى جنب بضع لحظات، وكل منهما غارق في لجج أفكاره.
وبدأ الصباح ينقضي، فازداد المستر ونكل يأسا من صاحبه وتململا، فوقف فجأة عن المسير، وانثنى يقول له: «أي سنودجراس، لا تحل بيني وبين هذا الأمر، ولا تبلغ السلطات المحلية عنه ... ولا تستعن برجال الأمن على احتجازي، أو احتجاز الدكتور سلامر من الآلاي السابع والتسعين؛ لمنع هذه المبارزة ... أقول: لا تفعل ذلك.»
فتناول المستر سنودجراس يد صديقه بحرارة، وهو يجيب بحماسة قائلا: «أبدا ... ولو وهبت الدنيا وهبا.»
وسرت رعدة في كيان المستر ونكل، حين اقتنع بأن لا أمل له في إثارة المخاوف في نفس صديقه، وحين استولت عليه قوة اليقين بأنه قد قدر عليه أن يكون هدفا ماثلا للرصاص.
وبعد أن شرح الواقعة للمستر سنودجراس، واستؤجرت المسدسات ولوازمها من البارود والرصاص والكبسول، من تاجر في روشستر، عاد الصديقان إلى الفندق، وخلا المستر ونكل للتفكير في المعركة المنتظرة، وعمد المستر سنودجراس إلى تدبير أسلحتها وترتيبها؛ استعدادا لاستخدامها في الحال.
وكان الأصيل بليدا سقيما، حين انطلقا مرة أخرى في هذه «الرحلة» الغريبة، وكان المستر ونكل قد تزمل برداء فضفاض سابغ؛ حتى لا يراه أحد، بينما حمل المستر سنودجراس تحت معطفه أسلحة القتال وآلات الموت.
قال المستر ونكل بلهجة مضطربة: «هل أعددت كل شيء؟»
وأجاب المستر سنودجراس: «كل شيء ... وقدرا موفورا من الذخيرة، إذا لم تحدث الطلقات تأثيرا، وفي الصندوق أيضا ربع رطل من البارود، وفي جيبي جريدتان للتعمير.»
وكانت هذه الشواهد أمثلة على صدق المودة التي لا غرابة في شعور المرء فيها بأبلغ العرفان لصديقه، ولكن القرائن توحي بأن عرفان المستر ونكل لصنيع صديقه كان أبلغ وأقوى من أن يجد كلاما يقال، أو تعبيرا لفظيا يصوره، فلا عجب إذا هو أخلد إلى الصمت، وظل سائرا في طريقه بخطوات أدنى إلى البطء.
وراح المستر سنودجراس يقول وهما يتسلقان سياج الساحة الأولى: «لقد جئنا في الموعد، فإن الشمس منحدرة إلى المغرب.»
ناپیژندل شوی مخ