فامتثل البستاني للأمر.
وقال الضابط: «ادفع به، ادفع به إلى الحظيرة، ودعنا نر هل سيدعو نفسه بنتش حين يفيق، لا أريد أن أتنكد بسببه، هيا، ادفع به.»
ودفع المستر بكوك امتثالا لهذا الأمر القاهر، وانطلق الضابط بولدويج الجبار في طريقه متورما منتفخا من سورة الغضب.
ولشد ما كانت دهشة الجماعة حين عادوا فلم يجدوا المستر بكوك في الموضع الذي تركوه فيه، وبدا لهم أنه أخذ العربة معه، فقد كان ذلك أغرب شيء سمع الناس به، وأشد شيء غموضا واستغلاقا على الأفهام، فإن نهوض رجل أعرج مستويا على ساقيه بلا سابق إنذار، وانصرافه من ذلك الموضع قد يكون حادثا خارقا للمألوف إلى أبعد الحدود، أما أن يتمكن من دفع عربة ثقيلة أمامه، على سبيل العبث والتسلية، فشيء يبلغ قطعا حد المعجزات.
ومضوا ينقبون في كل ركن، ويبحثون في كل زاوية، آحادا ومجتمعين، ويصيحون بأعلى أصواتهم، ويطلقون الصفير والضحكات، وينادون باسمه، ولكن كانت النتيجة واحدة، وهي الفشل في العثور عليه، وبعد بحث لا جدوى منه بضع ساعات انتهوا إلى قرار أليم، وهو أن يعودوا أدراجهم يائسين.
وكان المستر بكوك عندئذ قد نقل بعربته إلى الحظيرة، وترك في أمان، وهو لا يزال مستغرقا في النوم، ولشد ما كان فرح أولاد القرية، بل ما كان أشد سرور ثلاثة أرباع أهلها، وقد احتشدوا من حول الحظيرة؛ منتظرين حتى يروه صاحيا من النوم. وإذا كان مجرد رؤيتهم إياه وهو مدفوع إليها فوق العربة قد أثار في نفوسهم أشد السرور، فما بالك بفرحهم وابتهاجهم حين يشهدونه، بعد بضع نداءات غير واضحة: «يا سام!» قد استوى جالسا في العربة، وراح ينظر وهو في دهشة لا توصف إلى الوجوه المترائية لعينيه، لقد كان فرحهم في تلك اللحظة بلا شك أضعافا مضاعفة، وكانت الصيحة العامة بالطبع هي الإشارة بأنه قد صحا من النوم، وجاء تساؤله بالضرورة: «ما الخبر؟» فكان مدعاة إلى صيحة أشد من الأولى، إن أمكن أن يكون بعد الأولى ما هو أشد منها.
وصرخ النظارة: «ما أعجبه من منظر!»
وصاح المستر بكوك: «أين أنا؟»
وأجاب الغوغاء: «في الحظيرة.» - «كيف جئت إلى هنا؟ وماذا كنت أفعل؟ ومن أين جيء بي؟ ...»
فكان الرد الوحيد: «بولدويج ... الضابط بولدويج.»
ناپیژندل شوی مخ