220

مذکرات پیکویک

مذكرات بكوك

ژانرونه

وراح المستر طبمن يتقدم خطوة أو خطوتين، ويحدج المستر بكوك بنظرة حادة، ورد المستر بكوك عليها بمثلها، وزادها منظاره احتدادا، وزفر زفرة التحدي، بينما وقف المستر سنودجراس والمستر ونكل يشهدانهما وهما جامدان في موضعهما من شدة الدهشة لهذا المشهد بين رجلين من طرازهما.

وقال المستر طبمن بعد لحظة بصوت خافت أجش: «سيدي، لقد دعوتني كبيرا في السن.»

وقال المستر بكوك: «نعم، لقد فعلت.» - «وبدينا.» - «وأكرر التهمة.» - «ومخلوقا ...» - «وإنك لكذلك!»

وهنا مضى المستر طبمن يقول بصوت راعش من شدة الانفعال، وهو يشمر عن معصميه: «إن صلتي بشخصك يا سيدي كبيرة، كبيرة جدا، ولكن لا بد لي من الأخذ عاجلا بثأري من شخصك هذا.»

وقال المستر بكوك: «تقدم إذن يا سيدي.» وراح هذا البطل من شدة تأثره بهذا الحوار المهيج المستفز يستسلم فعلا لاتخاذ موقف جمود تام، اعتقد المشاهدان الواقفان على مرأى منه أنه موقف أراد به اتخاذ وضع دفاعي حيال مهاجمه.

وانثنى المستر سنودجراس يصيح قائلا، وقد استطاع فجأة استعادة قوة النطق التي أفقدته إياها حتى اللحظة تلك الدهشة البالغة التي استولت عليه، وهو يندفع نحوهما، فيقف حائلا بينهما، معرضا نفسه حتما لتلقي ضربة على الصدغ من أحدهما: «ما هذا يا مستر بكوك؟ وعين الدنيا تتطلع إليك، والعالم إليك ناظر، والمستر طبمن مثلنا جميعا يستمد بريقا متألقا من اسمه الخالد الذي لا يمحي العار! أيها السيدان! العار!»

وما لبث الغضون والتقاطيب غير المألوفة التي رسمها الغضب العارض على جبين المستر بكوك الواضح، وجبهته المتهللة، أن توارت على منطق صديقه الشاب، وانمحت كما تنمحي السطور المكتوبة بالقلم الرصاص من أثر الممحاة الرقيقة اللينة؛ فاستعاد وجهه هدوءه وطيبته، وانثنى يقول: «لقد كنت متسرعا، متسرعا جدا، يا طبمن هات يدك!»

وعندئذ اختفى الظل القاتم على وجه المستر طبمن، وهو يتناول بحرارة يد صديقه قائلا: «لقد كنت أنا أيضا متسرعا.»

ولكن المستر بكوك قاطعه قائلا: «كلا، كلا، الخطأ خطئي، أسترتدي السترة القطيفة الخضراء؟»

وأجاب المستر طبمن: «كلا، كلا.»

ناپیژندل شوی مخ