مذکرات پیکویک

عباس حافظ d. 1378 AH
187

مذکرات پیکویک

مذكرات بكوك

ژانرونه

وعاجلته زوجته قائلة: «أوه! كلام فارغ! لا تكلمني! هل تلعب «الأكارتيه» يا سيدي؟»

وأجاب المستر ونكل قائلا: «يسعدني كل السعادة أن أتعلمها منك.»

قالت: «إذن قرب هذه المنضدة الصغيرة من هذه النافذة ، ودعني أبتعد من سماع هذا الكلام السقيم في السياسة.»

وقال المستر بت للخادم التي أحضرت الشموع: «اذهبي يا جان إلى مكتبي في الدور الأول، وهات الملف الخاص «بالغازت» عن عام 1828.» والتفت إلى المستر بكوك، ومضى يقول: «سأقرأ عليك بضع افتتاحيات كتبتها في حينها عن تعيين واحد من الصفر جابيا جديدا لجمع المكوس هنا، وأعتقد أنها ستسرك.»

وقال المستر بكوك: «أحب كثيرا أن أسمعها.»

وجاء الملف، وجلس رئيس التحرير وبجانبه جلس المستر بكوك.

وقد بحثنا عبثا في كل صفحات «كناشة» المستر بكوك على أمل الاهتداء إلى خلاصة عامة لتلك المقالات الإنشائية الجميلة، ولدينا من الأسباب ما يحملنا على الاعتقاد بأنه وجد لذة تامة في قوة أسلوبها وطرافته، وقد رأينا المستر ونكل يسجل من جانبه القول بأن عينيه ظلتا مغمضتين - كأنما إغماضهما من فرط السرور - طيلة الوقت الذي استغرقتها قراءتها.

وجاء إعلان القوم أن العشاء قد هيئ، فأوقف لعب «الأكارتيه»، وقراءة المقالات الجميلة في «الغازت إيتنزول»، وبدت مسز بت أصفي ما تكون مزاجا، وأبدع ما تكون نفسية، وكان المستر ونكل قد قطع شوطا كبيرا في كسب جميل رأيها فيه، فلم تتردد في إبلاغه سرا أن المستر بكوك شيخ لطيف ظريف، وهي عبارة تنطوي على تعبير اعتاد بعض الذين توثقت معرفتهم بذلك الرجل الجهار الذهن التحدث به، والكلام فيه، وقد حرصنا على إيراده هنا؛ لما فيه من دليل يهز القلوب لتوه وساعته، ويقنع النفوس بذلك التقدير الذي تقدره به كل طبقة من طبقات المجتمع، والسهولة التي يشق بها طريقه إلى المشاعر والأفئدة.

وكان الوقت متأخرا، وقد أوغل الليل، حين أوى الصديقان إلى الراحة، بعد أن استولى النعاس على صاحبيهما الآخرين، وهما المستر طبمن والمستر سنودجراس في بعض زوايا فندق «بيكوك» بوقت طويل، ولم يلبث النوم أن أخذ بمعاقد أجفان المستر ونكل، ولكن مشاعره كانت قد اضطربت، وإعجابه قد استثير، فلبث وجه السيدة بت الجميل، وقوامها المحبب، عدة ساعات بعد أن غشي النوم على حواسه، فلم يعد يشعر بأمور الدنيا ومشاهدها، يتراءيان مرة بعد أخرى لخياله السابح، ويتمثلان له في شوارد أحلامه، وسوانح رؤاه.

وكانت الضوضاء والحركة اللتان عادتا مع مطالع الصباح كافيتين لأن تنفيا من خاطر أغزر الخياليين في العالم خيالا، كل شيء غير الأفكار المتصلة رأسا بالانتخاب، الذي أخذ موعده يقترب مسرعا، فلم يلبث قرع الطبول، والنفخ في الأبواق والمزامير، وصيحات الناس، ومواقع حوافر الخيل أن ترددت أصديتها في الشوارع من أبكر ساعات الفجر وبوادره، وجاءت معركة عارضة بين خفاف المناوشين من كل حزب، فزادت في الحال حركة الاستعدادات صخبا، ونوعت صورها وأشكالها تنويعا لطيفا مقبولا ...

ناپیژندل شوی مخ