مذکرات پیکویک

عباس حافظ d. 1378 AH
157

مذکرات پیکویک

مذكرات بكوك

ژانرونه

وصاح هذا العامل الشاذ الغريب الأطوار: «ها! يظهر أن الأثاث رخيص في البلد الذي جئت منه يا سيدي، هذا حبر يكتب بنفسه يا سيدي، ألا ترى كيف كتب علامتك على الجدار أيها السيد الكبير؟ هدئ روعك يا سيدي، ما الفائدة من الجري وراء رجل ظفر بالحظ، ووصل إلى الطرف الآخر من الضاحية في هذه اللحظة؟»

وكان عقل المستر بكوك كعقول بقية العظماء حقا مهيأ للاقتناع، وهو المفكر السريع القوي العارضة ، فلا غرو إذا كانت لحظة تفكير واحدة كافية لتذكيره بأن غضبه لا أثر له، ولا جدوى منه، فلم يلبث أن هدأ بالسرعة ذاتها التي هاج بها وثار، وراح يلهث وينظر نظرة حنان وطيبة إلى صديقيه.

والآن، هل نحدثكم عن العويل الذي جرى حين وجدت مس واردل نفسها مهجورة، قد تخلى عنها جنجل الغادر؟ وهل نحدثكم بشيء مما كتبه المستر بكوك من وصف رائع لذلك المشهد الذي يقطع نياط القلوب؟»

إن كناشته التي محت أسطرها دموع العطف الإنساني مبسوطة الساعة منثورة بين أيدينا، وكلمة واحدة تذهب بها إلى أيدي الصفاقين والطامعين ... ولكن كلا! ينبغي أن نحزم الأمر، فلا نهز صدر الجمهور برسم ذلك الألم الشديد.

وحسبنا أن نقول: إن الصديقين والسيدة المهجورة عادوا بحزن ووجوم وبطء إلى البيت في غداة اليوم التالي في مركبة ماجلتون الكبيرة، كانت ظلال المساء القاتمة قد غمرت ما حولهم حين وصلوا إلى «دنجلي ديل»، ووقفوا في مدخل «ضيعة مانور».

الفصل الحادي عشر

رحلة أخرى - وكشف أثري - وتسجيل اعتزام المستر بكوك حضور معركة انتخابية - ومخطوط من القسيس الشيخ. ***

وكانت ليلة هدوء وراحة في ذلك السكون التام الذي يحيط بمزرعة «دنجلي ديل»، وساعة كاملة في استنشاق أنسامها العليلة، وهوائها العطر، في صباح اليوم التالي، كافية لاستجمام المستر بكوك من أثر تعبه الجثماني الأخير، وقلقه النفسي، فقد غاب هذا الرجل العظيم عن أصحابه ومريديه يومين كاملين، فلا غرو إذا هو شعر بقدر من السرور والابتهاج، لا يستطيع الخيال العادي أن يتصوره على حقيقته، حين تقدم خطوة للسلام على المستر ونكل، وتحية المستر سنودجراس، عندما التقى بهما بعد عودته من رياضته في بكرة الصباح.

وكان السرور متبادلا، ومن ذا الذي ينظر إلى وجه المستر بكوك المشرق المتهلل، ولا يشعر بهذا الشعور؟ ولكن بدت على صديقيه غمامة لم تكن لتفوت عين ذلك الرجل العظيم، أو تخفى على مشاعره، وإن عجب وحار في تعليلها، فقد كان يلوح عليهما معا شيء غريب، غير مألوف، بل مزعج أيضا.

وقال المستر بكوك وهو يتلقى صاحبيه باليدين، ويبادلهما أصدق التحيات والترحاب: «وكيف حال طبمن؟»

ناپیژندل شوی مخ