فقلت: «يجب أن تتركوني أتمم كلمتي وتستمعوا لها.» وطلب الرئيس (علي زكي العرابي باشا) من الأعضاء أن يدعوني أتمم كلمتي.
فتابعت الكلام وضربت مثلا بالبعثة العسكرية البريطانية والنص في المعاهدة على أن الغرض منها أن تستعين الحكومة المصرية بخبراء حربيين أجانب.
فقال الرئيس: «إن الخبير الاقتصادي لم يأت ذكره في المعاهدة المصرية البريطانية.»
وقال النحاس باشا: «هل نحن نتناقش الآن في المعاهدة المصرية البريطانية أم في تعيين الخبير الاقتصادي؟ إننا نعرف رأيك في المعاهدة ولا داعي لأن تدخل شيئا في شيء.»
فأجبت بأن البعثة العسكرية نص عليها في المعاهدة، أما الخبير الاقتصادي وهو أشد خطورة منها فلم ينص عليه في المعاهدة، وبالتالي نحن غير ملزمين بأن يكون هذا الخبير إنجليزيا.
وألمعت في حديثي إلى ما كان من تعيين مستشار مالي بريطاني سنة 1883 ثم أخذ نفوذه يستفحل حتى صارت له السيطرة الفعلية في الحكومة، وختمت كلمتي بأنه لا توجد مسوغات لتعيين خبير اقتصادي أجنبي للحكومة المصرية، فضلا عن أن هذا التعيين يتعارض مع الاقتصاد القومي.
ورد النحاس باشا على استجوابي ردا طويلا، خلاصته أن المشاكل الاقتصادية والمالية التي واجهتها مصر خلال الحرب وستواجهها بعد انتهائها استدعت تعيين هذا الخبير، ثم قال ما يأتي عن اختياره من الماليين الإنجليز: «وكان من الطبيعي أن يختار الخبير من رجال دولة بيننا وبينها صلات مودة وصداقة وتحالف، وأن يكون معروفا لمصر وعارفا بظروفها المالية، ولم يكن ممكنا اختيار خبير أوروبي من أية دولة أخرى ولا أمريكي لصعوبات مادية ظاهرة، ولأن النظام الإنجليزي المالي أقرب إلى الأنظمة المصرية .»
وبعد أن انتهى النحاس باشا من رده قرر المجلس الانتقال إلى جدول الأعمال ... (2) الأرصدة الإسترلينية (بمجلس الشيوخ أبريل سنة 1944)
أخذت الأرصدة الإسترلينية تتزايد خلال الحرب العالمية بسبب إهمال الحكومة ومجاملتها لبريطانيا، واشتد التضخم في عهد وزارة الوفد، وقد نبهت إلى هذا الخطر في مجلس الشيوخ بجلسة 18 أبريل سنة 1944 لمناسبة المناقشة في السياسة المالية العامة للدولة، وكان ذلك أيضا في عهد وزارة الوفد وكان أمين عثمان باشا وزيرا للمالية، وألقيت كلمة في منشأ الأرصدة وتكييفها وطالبت بوضع حد لها.
1
ناپیژندل شوی مخ