ووضع الرجل يده في جيبه وأخرج ستين قرشا ناولني إياها وهو يقول: «أنت ماهيتك من النهارده كده!!».
ووضعت المبلغ في جيبي وقابلت استيفان روستي خصيصا لأقول له: «ما حدش أحسن من حد. والروس ساوت بعضها يا قفا!!».
رواية جديدة كل أسبوع
ولما اقترب الأسبوع الأول من نهايته، كنت قد أعددت رواية جديدة بالريالات الثلاثة التي ارتفعت إليها ماهيتي اليومية!!
وفي هذه الرواية ارتقى كشكش بك عمدة كفر البلاص، وصار يستصحب في تنقلاته أمينا خاصا - هو «ادلعدي» زعرب (شيخ الغفر)، وقد أسندت هذه الشخصية إلى السيد عبد اللطيف المصري.
ونجحت هذه الرواية كما نجحت سابقتها، ورأى صاحب الملهى بعد ما شاهد من ازدياد الإقبال، أن يرتقي بالنظام بعض الشيء، فجعل رسم الدخول خمسين مليما بعد أن كان الدخول بلا رسوم. وكتب الله لنا «الفتوح» فلم يقف مرتبي عند القروش الستين. إذ اتفق معي صاحب الملهى على أن يكون لي إلى جانب الماهية، حصة تعادل خمسة في المائة من الدخل، نظير التأليف والإخراج، فأقبلت الدنيا ترفرف بجناحيها، وبدأت «أحمر» عيني للبؤس القديم الخالي وأضربه بالشلوت كمان!
وأخرجت روايتي الثالثة باسم «بكره في المشمش»، وبعدها وقفت كل أوقاتي على العمل وحده، أخرج من المسرح ليلا إلى المنزل توا، ومن المنزل صباحا إلى المسرح، لا أعرف للراحة طعما، ولا لمباذل الحياة معنى، وأصبحت الرجل الكامل الذي يعرف قيمة الوقت. فلا يفرط في دقيقة منه دون عمل يؤديه فيه.
خصصت حياتي للفن!
وفي ذلك الحين كان التمثيل في نظر الخاصة وباء يهربون منه ويبتعدون عنه، ولكني شاهدت ظاهرة غريبة قوت من عزيمتي وشدت أزري فيما عولت عليه! هذه الظاهرة أنني كنت في أحد الأيام جالسا في محل (جروبي) القديم، وتصادف أن كان يجلس إلى الطاولة المجاورة لي اثنان تبدو عليهما الوجاهة التامة، ويخيل للرائي أنهما من طبقة الباشاوات، أرباب المعاشات. وكان أحدهما قد راقت له الخلوة فراح يقص على صاحبه نبأ سهرته بالأمس، ويروي له ما شاهده قائلا: «... وبعدين يافندم راح على المسرح عمك كشكش بك ده ... وهات يا ضحك».
وفي يوم آخر كنت أسير في حي الأزبكية، الله يرحم أيامه، فلقد كان في ذلك الحين باسم الله ما شاء الله!!
ناپیژندل شوی مخ