============================================================
لعمل الاباضية الأوائل بالقياس، وتأكد الأمر في المصادر التالية للقرن الثالث، إذ تحدث عنه ابن بركة في جامعه حديثا مستفيضا، وأكد كون القياس من مصادر الأحكام، فقال: "الحادثة إذا حدثت لم تخل من حكم الله تعالى فيها، إما أن تكون منصوصا عليها بعينها، أو بأخص أسمائها، وإما ان تكون منصوصا عليها بجملة مع غيرها. وهذا يحقق إن شاء الله في التعبد بالقياس وأخبار الآحاد، وفي كتاب الاجتهاد وتفصيل صفة المجتهدين" (1) .
ونظر له الوارجلاني، وفصل الحديث عن مسائله باسهاب. وعلى نفس الخط سار اللاحقون حتى العصر الحديث. إذ بلغ الذروة لدى السالمي في كتابه "شرح طلعة الشمس"، وحوصل فيه كل المسائل الي تطرق لها الأصوليون في مباحث القياس.
و في المجال التطبيقي توسع الاباضية في هذا الدليل، فلم يقصروه على المعاملات بل أجروه كذلك في بحال العبادات والكفارات.
ويمكن تشبيه موقف الاباضية الأوائل من القياس بموقف الصحابة من الرأي ، فبعض اعتمده وبعض رده وذمه، ووردت عنهم أقوال متناقضة في بحال العمل بالرأي، ثم تبين أن الرأى المستند إلى أدلة الشرع محمود معتيره وما خالقها فهو مذموم مردود(2).
والقضايا الفكرية تجد صداها عبر الأجيال، لأن منطق التفكير البشري واحد (1) - البرادي، البحث الصادق، 1: 68 و.
(2) - حول أقوال الصحابة في الرأي، ينظر: ابن القيم، أعلام الموقعين، !: 55 فما بعد.
و فيه مسح واستقراء لأقوالهم في الرأي عملا وردا. وبين أنم يردون الرأي المذموم الخالف للنصوص. وبأخنون بالرأي المحمود المنسحم مع النصوص، الموافق لروح التشريع.
46
مخ ۵۰