وَاو الْعَطف تقوم مقَام وَاو الْجمع فِي إِفَادَة الِاشْتِرَاك وتختص بافادة التَّرْتِيب كَمَا أَن ثمَّ وَالْفَاء تجمعان بَين الشَّيْئَيْنِ فِي الْعَطف وتجريان فِي ذَلِك مجْرى وَاو الْجمع وتختصان بافادة التَّرْتِيب وَالْجَوَاب أَن أهل اللُّغَة لَو أَرَادوا أَن وَاو الْعَطف تجْرِي مجْرى وَاو الْجمع فِي إِفَادَة الِاشْتِرَاك فَقَط وأفادت التَّرْتِيب لقالوا أَيْضا إِن لَفْظَة ثمَّ وَالْفَاء قد أجريتا مجْرى وَاو الْجمع وياء التَّثْنِيَة أَيْضا فَلَمَّا لم يَقُولُوا ذَلِك فِي ثمَّ وَالْفَاء وَقَالُوا ذَلِك فِي الْوَاو علمنَا أَن وَاو الْعَطف تقوم مقَام وَاو الْجمع فِي إِفَادَة الْجمع فَقَط
دَلِيل قَالَ أهل اللُّغَة إِن الْوَاو لَا تفِيد التَّرْتِيب وَقَوْلهمْ بأجمعهم حجَّة فِي اللُّغَة فان قَالُوا قد حدكي عَن الْفراء أَنه قَالَ الْوَاو لَا تفِيد التَّرْتِيب إِلَّا حَيْثُ يَسْتَحِيل الْجمع نَحْو قَول الله سُبْحَانَهُ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا﴾ قيل هَذَا يدل على أَنه جعلهَا للتَّرْتِيب لأجل دلَالَة وَهُوَ تعذر الْجمع وَفِي هَذَا مُوَافقَة أهل اللُّغَة وَإِذا ثَبت أَن ظَاهرهَا لَا يَقْتَضِي التَّرْتِيب لم يكن تعذر الْجمع دَلِيلا على وجوب التَّرْتِيب لِأَنَّهُ يُمكن أَن يتَقَدَّم السُّجُود على الرُّكُوع وَلَو أفادت التَّرْتِيب بظاهرها إِذا تعذر الْجمع لأفادته إِذا صَحَّ الْجمع وَصَحَّ التَّرْتِيب
وَقد اسْتدلَّ على أَن الْوَاو لَا تفِيد التَّرْتِيب بِأَنَّهَا لَو افادته لدخلت فِي جَوَاب الشَّرْط كالفاء وَمَعْلُوم أَنه لَا يحسن أَن يَقُول الْقَائِل إِذا دخل زيد الدَّار وأعطه درهما وَلقَائِل أَن ينْقض ذَلِك بِلَفْظَة ثمَّ وَلَفْظَة بعد وَأَيْضًا فَإِن الْوَاو وَإِن اقْتَضَت عِنْدهم التَّرْتِيب فانها تفِيد الْعَطف وَلَا يُمكن الْعَطف فِيمَا ذَكرُوهُ لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم مَا تكون الْوَاو عاطفة عَلَيْهِ
وَاسْتدلَّ على ذَلِك أَيْضا بِأَن الْجمع من غير تَرْتِيب مَعْقُول فَلم يكن بُد من لَفْظَة تفيده فِي اللُّغَة وَلَيْسَ فِي الْأَلْفَاظ مَا تفيده إِلَّا الْوَاو وَلَيْسَ يجوز أَن
1 / 35