وهذه أم الدرداء الصغرى (هجينة بنت يحيى الوصابية) روت علما جما عن زوجها أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي، وعن عائشة، وعن أبي هريرة؛ وعرضت القرآن علي أبي الدرداء، واشتهرت بالعلم والعمل، وكانت تقية زاهدة؛ عاشت طويلا حتى أدركت خلافة عبد الملك بن مروان، وكان مرة جالسا في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء جالسة معه حين نودي لصلاة المغرب، فقام وقامت تتوكأ عليه حتى دخل بها المسجد، وكانت عالمة فقيهة يجلس إليها الرجال، فيقرأون عليها، وكان عبد الملك بن مروان يستمع إليها. وهذه فاطمة بنت علاء الدين السمرقندي الحنفي صاحب كتاب (تحفة الفقهاء) حفظت التحفة، فكانت فقيهة، طلبها كثير من الرجال، فلم يزوجها والدها، وعندما صنف أبو بكر الكاساني كتابه (بدائع الصنائع) وهو شرح التحفة عرضه على شيخه - أبوها - ففرح به كثيرا، وزوجه ابنته، وجعل مهرها منه ذلك، فقالوا: شرح تحفته فزوجه ابنته.
وكانت الفتوى تأتي، فتخرج وعليها خطها وخط أبيها، فلما تزوجت صاحب البدائع كانت تخرج وعليها خطها وخط أبيها وخط زوجها.
وهذه خولة بنت ثعلبة أنزل الله فيها قرآنا عندما أخذت تشتكي زوجها، وتقول: "يا رسول الله أكل شبابي، ونثرت له ما في بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني. اللهم إني أشكو إليك. فسألت النبي ﷺ عن ظهار زوجها منها، فقال لها: حرمت عليه. فأنزل الله قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: ١] ".
ويأخذ رسول الله البيعة من النساء فيقول: "تبايعن على ألا تشركن بالله شيئا. قالت هند زوج أبي سفيان - وكانت متخفية لم يعرفها رسول الله ﷺ بعد - إنك - والله - لتأخذ علينا ما لا تأخذ على الرجال، فسنؤتيكه. قال: ولا تسرقن. قالت: والله إن كنت لأحببت من مال أبي سفيان الهنة والهنة. فقال أبو سفيان - وكان حاضرا -: أما ما مضى فأنت منه في حل. فقال رسول الله ﷺ: أهند؟ قالت: أنا
1 / 16