شذرات عطرة من سيرة المرأة المسلمة
لقد اتصفت المرأة المسلمة في صدر الإسلام بجملة من الصفات، أهلتها لتشارك بفاعلية في الحياة العامة، فقد كان لها من قوة الشخصية، والقدرة العقلية وفصاحة اللسان وحسن الفهم والبيان، والقدرة على الصبر والثبات ما جعل الرسول ﷺ يحث على تكريمها ورفع شأنها، وإعطائها المكانة التي تليق بما في المجتمع، فها هو معلم البشرية الأول ﵊ يعلم زوجاته بنفسه.
فقد مر على زوجته جويرية بنت الحارث، وقد كانت عابده قانتة لله تعالى، فقال لها: "ألا أعلمك كلمات تقوليهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته" رواه مسلم.
ولقد كانت السيدة عائشة ﵂ فقيهة محدثة تنظم الشعر أيضا، ويروي الشعبي، فيقول: قيل لعائشة ﵂: يا أم المؤمنين هذا القرآن تلقيته عن رسول الله ﷺ وكذلك الحلال والحرام، وهذا الشعر والنسب والأخبار سمعتها عن أبيك وغيره، فما بال الطب؟ قالت: "كانت الوفود تأتي رسول صلي الله عليه وسلم، فلا يزال الرجل يشكو علته، فيسأل عن دوائها فيخبره بذلك، فحفظت ما كان يصفه وفهمته".
وقال أبو موسى الأشعري: ما أشكل علينا أصحاب رسول الله ﷺ حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما. رواه الترمذي.
وقد بلغ مسندها ألفان ومائتان وعشرة أحاديث، وقال الزهري: لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين، لكانت عائشة أوسعهم علما. رواه الحاكم.
وقد ذكر البلاذري في (فتوح البلدان): "أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب كانت تتعلم الكتابة في الجاهلية على يد امرأة كاتبة تدعى الشفاء العدوية، فلما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم طلب إلى الشفاء أن تعلمها تحسين الخط، وتزيينه كما علمتها أصل الكتابة".
1 / 15