يا نفس! تأملى هذا المثل! فإما أن تضحكى منه تعجبا، أو تعتبرى منه تخوفا: فلو أن طائرين من نوع واحد ربطا جميعا فى رباط واحد وتركا فيه لعظم عذابهما وبعدت الراحة منهما. وإن فرحة كل واحد منهما وراحته انفصاله من الآخر. فإذا كان طائران هما نوع واحد وشكل واحد ربطا جميعا فأعقبهما الرباط أنواع العذاب، فكيف إذا ربطت أشياء مخالفة بعضها فى الشكل والمعنى كحمل ربط مع ذئب، أو ثور ربط مع سبع، أو حى ربط مع ميت؟! أم هل يكون أشقى من عالم ربط مع جاهل؟! — يا نفس! إن كانت راحة الحمل أن ينحل من مرابطة الذئب، وراحة الثور أن ينحل من مرابطة السبع، وراحة الحى أن ينحل من مرابطة الميت، وراحة العالم أن ينحل من مرابطة الجاهل — فإن كنت يا نفس، تقرين بحقيقة هذا المعنى فقد انجلت الغشاوة عن بصرك؛ وإن كنت منكرة لذلك فاستعملى الأدوية المزيلة العمى عن الأبصار، والأخلاق المخرجة من الظلام إلى الأنوار.
مخ ۱۱۴