يا نفس! انفصلى من الطبيعة بوهمك، ثم انظرى: هل تجدين شيئا غير ذاتك وكونها؟ فإذا نعت ذاتك فقولى: هى الجوهر الصورى المصور المحرك المتحرك الحى العاقل المميز المتهجس إلى معانى إرادته ومطلوباته، ذو الأخلاق الشريفة الخيرة التى هى العدل والحكمة والجود والرحمة. فإذا نعت ذاتك بهذه المعانى، وكانت لك ذاتية طبيعية — فقد لزمك الإقرار بأنك أنت الشىء الحى اللطيف المدبر. فإن سموت إلى نعت كدرك هل تجدين له نعتا ذاتيا أو صفة دون أن تستعيرى له النعوت والصفات، فتنعتيه بالمعانى التى هى غيره. أفليس قد لزمك الإقرار بأن شيئا لا نعت له ذاتيا ولا صفة هو شىء ميت موضوع للاستعمال بطبعه؟! — ومما ينبغى أن تفهمى أن النفس إنما تفعل فى الطبيعة معانى ما تفعله العلة الأولى فيها. فمتى تمثلت، يا نفس، هذا المعنى الموجود فى الحس وجدته هو الترتيب السلطانى بعينه.
مخ ۱۱۳