يا نفس! إن من عف عن شهوات الدنيا عفت مصائب الدنيا عنه وخرج من الدنيا سليما رابحا، وربحه قربه من الله. ومن أسرع إلى شهوات الدنيا أسرعت مصائب الدنيا إليه وخرج من الدنيا سقيما خاسرا، وخسرانه بعده من الله. يا نفس! فعلى هذا الضرب من التجارة اتجرى، وبمثل هذه المعانى تدبرى لتفوزى بحسن التوفيق والسداد، ويحدوك النور والتهدى إلى سبيل الرشاد.
[chapter 12: 12] الفصل الثانى عشر
يا نفس! إن من غرس شجرة الصبر أثمرت له الظفر وفاز بالغلبة؛ وإن أسعد السعداء من سما إلى شىء فظفر به. ومن غرس شجرة الفشل أثمرت له الحرمان؛ وإن أشقى الأشقياء من سما إلى شىء فحرمه.
يا نفس! اقترنى فى جميع مطلوباتك كلها بالصبر، فإن الصبر خلق النفس الأشرف، وهو الذى به يكتسب الخير وتدرك السعادة. وإنى ممثل لك معانى عدة فتحققى بها: إن النفس هى الطالبة وإن الخير هو المطلوب، والصبر هو المعنى الذى ينبغى أن ينتصر به الطالب، والتوفيق هو المعنى الذى ينتصر به الخير ويجود به. فإن اتصل الفعل من الطالب بالفعل من المطلوب وجبت الوصلة وتم الانضياف. وإنما مثلت لك هذا المعنى لتعلمى أنه إنما تنال الأشياء كلها بالصبر وأن الخير لا ينال إلا بالصبر.
مخ ۱۰۲