يا نفس! كم يتردد الذهب الكثير الغش إلى النار قبل أن يصفو ويتهذب! وكم يدخل العود المعوج إلى النار ويقوم قبل أن يتقوم! وكم تعاد الحنطة إلى الغرابيل قبل أن يهذب دغلها وغلثها! وكم تشافه النفوس الخبيئة الصدئة بألوان العذاب قبل أن تستقيم وترجع!
يا نفس! إنه لا يمكن أحدا أن يعرف فضل حلاوة العسل على مرارة الصبر دون أن يذوقهما جميعا ويعقلهما بالتمييز. وكذلك لا يمكن النفس أن تعرف فضل حلاوة النعيم على مرارة العذاب دون أن تذوقهما جميعا وتعقلهما.
يا نفس! كم بين الخارج من شىء قد خبره وذاقه فزهد فيه، وبين الداخل إليه الراغب فى أن يختبره ويذوقه!
يا نفس! إن المقاتل فى الحرب يتمنى الخروج منها لكرب القتال وثقل السلاح. والذى لم يشاهد حربا قط يشتهى أن يلاقى الحرب ويذوقها. فإن قلت يا نفس إنك قد وصلت إلى غايتك مما قد جربته — فارجعى الآن إلى نهايتك مما كنت فيه ونسيته.
مخ ۸۵