مصر له ناصره نیولې تر جنګه
مصر من ناصر إلى حرب
ژانرونه
كان هذا الجزء من الكورنيش هو الأفضل والأنظف في الجيزة ، وكان يجتذب الناس للتنزه فيه، والحقيقة أنه كان المكان الوحيد اللائق في القاهرة حيث يمكن للمرء أن يسير فيه. في الأشهر الأولى بعد تولي الرئيس منصبه، كان من الممكن للجمهور أن يتنزه هنا، ولكن بعد مايو من عام 1971م تم إغلاق الكورنيش بالحواجز، كما أغلق الممر بتحصينات قوية، وأمام مقر الرئاسة رسا على شاطئ النهر مركب كبير كان الرئيس يحب أن يجلس فيه منفردا بنفسه في المساء للتأمل.
وعلى بعد 35 دقيقة من القاهرة تقع استراحة الرئيس الأخرى في القناطر عند تفرع نهر النيل. منزل جميل تعود ملكيته إلى إدارة الري، ويقع على جزيرة صغيرة خضراء وله حديقة صغيرة تتوسطها شجرة أثرية ضخمة ذات جذور هوائية تضرب في الأرض لتنمو مكونة أعمدة. وإلى جوار البيت وفوق مجرى النهر يرسو اليخت الملكي للملك السابق فاروق يستخدمه الرئيس صيفا للاستجمام.
وفي الصحراء وعلى بعد مائة كيلومتر تقريبا من الإسكندرية في اتجاه ليبيا تقع برج العرب، وهناك توجد أيضا إحدى استراحات الرئيس. وقد تسنى لي الذهاب إلى هناك أيضا عدة مرات، وهناك يوجد منزل منعزل تماما في الصحراء. المكان يعد واحة صغيرة ليس أكثر. هدوء مطلق وخاصة بالليل.
وإلى الشرق من الإسكندرية يقع منتجع المعمورة، حيث توجد على شاطئ البحر استراحة أخرى للسادات تقع بجوار منزل كان قد بني ذات يوم لناصر . حديقة جميلة من أشجار الدفلي تحيط بمنزل من طابقين.
ويمتلك السادات أيضا منزلا في قريته التي ولد فيها ويقع في دلتا النيل على بعد مسيرة ساعة من القاهرة بالسيارة. وهناك يستقبل السادات ضيوفه المقربين. وقد تسني لي أيضا الذهاب إلى هناك عدة مرات. في المرة الأولى كان المنزل متواضعا مكونا من دورين تحيطه حديقة صغيرة وقد نمت حوله كثير من الأشجار جلبت شتلاتها من الاتحاد السوفييتي. كل شيء كان متواضعا، بل شديد التواضع مع شيء من الإهمال.
بعد عام تقريبا، اضطررت للذهاب إلى هناك مرة أخرى. الآن تبدل الوضع تماما في الداخل؛ لا يوجد هنا سوى بريق الرخام والبرونز والزخارف الجصية والنقوش البارزة من النحاس. ظهرت الأحجار الفخمة الرائعة وإن تميزت بالضخامة، وانتشر الأثاث على الذوق المصري وما إلى ذلك. كل ذلك كان يبدو متناقضا مع الشوارع الريفية القذرة التي ظلت على حالها هي وبيوت الجيران البائسة والماشية الهزيلة الهائمة في الطريق والتي تشبه في مظهرها الفلاحين الكادحين.
استقبلني الرئيس مرتين في هذه الأماكن التي لم أكن لأزورها؛ مرة في استراحة حلوان الخاصة التي تمت مصادرتها، والأخرى في النادي الذي كان مخصصا سابقا للضباط في هليوبوليس.
كان الأثاث في منزله في الجيزة، مثله مثل باقي الأماكن والاستراحات يفتقد، من وجهة نظري، إلى الذوق. كان هناك خلط بين العصور؛ فهذه قطع يعود طرازها إلى منتصف القرن التاسع عشر في فرنسا، وإلى جانبها أثاث آخر من طراز أوائل القرن العشرين في الولايات المتحدة. العديد من الزخارف الجصية والستائر والسجاد والجوبلات والأثاث الثقيل واللوحات مجهولة القيمة، والتي يبدو جليا أنها اختيرت بمحض الصدفة. كل شيء يفتقد إلى الأصالة فيبدو تقليدا لشيء ما «حقيقي»؛ المهم أن يوحي «بالثراء». على أية حال لم أر في مصر عند أي من كبار المسئولين شقة مجهزة بذوق رفيع. دائما ما ترى اندفاع أصحابها لإبهار الضيوف بثرائهم المزعوم الممثل في التماثيل الخزفية وبعض الهدايا الصينية ومن غيرها من بلدان الشرق في كل ركن من الأركان، باختصار كشكل من أشكال الاستعراض، وهو ما يعني أن كل شيء غير حقيقي.
كان السادات يرتدي ملابس تتسم بالبساطة والذوق الرفيع. كان واضحا أنه يحب الملابس المريحة الملائمة التي لا تعوق حركته وتتماشى في الوقت نفسه مع الموضة. كان يراقب وزنه مراقبة دقيقة. كان ممشوق القوام، رشيقا، أدخل عادة السير بالعصا تحت الإبط. لعل ذلك كان محاكاة لسلوك الضباط الإنجليز، الذين كانت أعدادهم كبيرة في مصر. وهؤلاء كانوا يحملون تحت إبطهم سوطا قصيرا، وقد ألغى ناصر هذه العادة.
ومن الفضائل المميزة للسادات قدرته على الخطابة في الاجتماعات واللقاءات الجماهيرية. كان لديه إحساس بالجمهور العربي، المصري إن شئنا الدقة، فيتحدث أمامه بالعامية المصرية وباللهجة المحلية. كان يبني خطبه بمهارة وتركيز. يبدأ فيطرح جوهر الموضوع ولو على نحو موجز، ولكنه يعود إليه مرة أخرى، بل وربما يكرره، ولا عيب في هذا؛ فهو يبدو وكأنه يتبادل الحديث مع الشعب. تجري عملية الإبداع عنده على نحو علني، عملية خلق الخطاب وطرح الفكرة، وهذه الطريقة تؤثر دائما في أي جمهور؛ ولذلك يصل مضمون الخطاب على نحو منطقي. لا يجبر السادات المستمع على التفكير فيما يقوله. يطرح الفكرة باعتبارها حقيقة ثابتة؛ أي موجودة، لا يفعل شيئا سوى أن يجعلها أكثر وضوحا، ملائمة لنقلها إلى المستمع.
ناپیژندل شوی مخ