مصر له ناصره نیولې تر جنګه
مصر من ناصر إلى حرب
ژانرونه
هنا أحس السادات أنه من غير اللائق أن يرفض هذه المرة وخاصة أن الأمر يتعلق بصحته على أية حال. تمتم السادات قائلا: حسنا، سوف أكون ممتنا إذا ما سمحت الحكومة السوفييتية بإرسال البروفيسور تشازوف إلي. وأضاف: إنني مهتم بالأمر وسوف أكون مستعدا للقائه في أي وقت مناسب.
هذا مثال آخر على علاقة السادات بالاتحاد السوفييتي. على أي نحو يمكن حساب هذه العلاقة؟ الرجل لم يكن مريضا بالفعل؛ فها هو يذهب في اليوم التالي على لقائنا سابق الذكر إلى الجبهة مباشرة، حيث دخل إلى الخنادق ثم عقد لقاء مع الجنود والضباط. باختصار فقد أظهر من الصحة والعافية ما يحسد عليهما. بالمناسبة، لم يجد البروفيسور تشازوف، الذي وصل إلى القاهرة، أي أعراض تشير إلى تدهور حاد في صحة الرئيس بالطبع. وحتى هذا اللقاء جرى على نحو أشبه ما يكون بمشهد من مشاهد المسرحيات الهزلية.
لقد طلب السادات أن يحضر إليه تشازوف فور وصوله مباشرة قادما من موسكو، ولم تكن الحالة الصحية للرئيس تستدعي أي عجلة، وإنما كان يريد أن ينتهي ببساطة من تبعات قراره الخاطئ باستدعاء الطبيب. عند وصول تشازوف لم يجد بانتظاره أية تحاليل أجريت للرئيس على الرغم من أنه كان من الطبيعي أن يجري الرئيس ولو رسما للقلب أو تحليلات للدم وما إلى ذلك. قدموا لتشازوف رسما للقلب أجري قبل ستة أشهر، وتحليلا للدم أجري قبل ثلاثة أشهر!
عندما قرر السادات البدء في العمليات العسكرية ضد إسرائيل في أكتوبر 1973م، كان يعول، في رأيي، على أن يتصرف الاتحاد السوفييتي على نحو غير الذي اتخذه الاتحاد السوفييتي فعلا. كان يفترض أن الاتحاد السوفييتي على الأرجح سوف يسعى لدعم مصر بطبيعة الحال، ولكنه سيحاول أن يوقف العمليات العسكرية بأسرع ما يمكن بالطبع، وأن يتجه لعقد «صفقة» مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعندئذ تكون يداه مطلقتين في التعامل مع الأمريكيين، لكن الأمور سارت على نحو آخر. لقد كان موقف الاتحاد السوفييتي إبان هذه الحرب هو دعم القضية العادلة للعرب. واتضح، وهو ما أدهش السادات نفسه، أن القوات المسلحة المصرية وصلت إلى أعلى مستويات الإعداد بفضل الخبراء والفنيين، أما المفاجأة الكبرى بالطبع فكانت في الكفاءة الرفيعة والقدرة العالية للمعدات العسكرية السوفييتية التي يتسلح بها الجيش المصري.
عندما بدأت العمليات العسكرية، لم يكن بنية السادات على الإطلاق أن يحاول إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، أو أن يجبر إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة. كلا، إنما كان هدفه أقل من ذلك بكثير وأكثر محدودية، وقد أخبرني بهذا الهدف بعد يومين اثنين من نشوب الحرب.
كان هدف العمليات العسكرية من الناحية السياسية يتلخص في، «أقولها مجازا»، مجرد «تحريك الوضع» وجذب الانتباه إلى الصراع الذي طال أمده، وإجبار العالم على أن يتذكر الوضع المستعصي على التسوية في الشرق الأوسط ودفع القوتين العظميين، أولا وقبل كل شيء، إلى التأثير في الأحداث. كانت هذه الخطوة تستهدف أساسا جذب الولايات المتحدة الأمريكية إلى استخدام نفوذها.
كل الدلائل كانت تشير إلى أن السادات لم يكن ليتوقع هذا القدر من النجاح الذي أحرزته قواته في العمليات، والتي استطاعت بسرعة وبأقل الخسائر عبور قناة السويس، ثم لتتوقف دون أن تعرف ما الذي عليها أن تفعله بعد ذلك. وهكذا لم تواصل هذه القوات هجومها على الرغم من أنه لم يكن أمامها، لفترة من الزمن، عدو بالمعنى الحقيقي. كان الأمر يتلخص في أن السادات، كما شرح لي بنفسه، لم تكن لديه النية في استعادة الأراضي المحتلة؛ فالهدف من الناحية العسكرية كان ينحصر في مجرد إنزال ما يمكن إنزاله من خسائر مادية وبشرية بإسرائيل، والتلويح بما تملكه القوات المسلحة المصرية من قدرة اليوم، ومن ثم، إلى ما تستطيع فعله في المستقبل.
أما الهدف من الناحية الإقليمية، إذا جاز القول، فكان الاستيلاء على ممرات سيناء (متلا والجدي)، وهو ما لم يتحقق، فضلا عن أن المصريين في الأيام الأخيرة من العمليات العسكرية سمحوا بحدوث ثغرة نفذت منها القوات الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة، وأصبح النصر الذي حققه المصريون معلقا بشعرة. ومثلما أسهمت مساعدات الاتحاد السوفييتي في نجاح القوات المصرية في الأيام الأولى للحرب، أنقذت الخطوات الحاسمة التي اتخذها السوفييت تحديدا مصر من هزيمة وخيمة في تلك الأيام العصيبة التي مرت بها.
لقد تسنى لي أن ألتقي بالسادات إبان الحرب بصفة يومية، بل وكثيرا ما كنت ألتقيه عدة مرات في اليوم الواحد وفي أوقات مختلفة نهارا أو ليلا، فجرا أو في ساعة متأخرة من الليل.
لقد بدأ السادات الحرب، وعلى عكس وعوده المتكررة، دون مشاورة مع الاتحاد السوفييتي، بل وحتى دون إنذار حقيقي، وإنما أخبرني بالأمر في صباح السادس من أكتوبر فقط، عندما أبلغني بأنه يود بشدة أن نلتقي خلال الساعات القليلة المقبلة؛ إذ «ربما تقع أحداث عظام». ولكنه استدرك قائلا: ولكنك للأسف، قد تكون في السفارة على ما يبدو لكي تكون على اتصال بموسكو. بالمناسبة، كان السادات يتحدث معي قبل أيام قليلة عن قيام إسرائيل بعمليات استفزازية، وأنه من المحتمل وقوع أحداث ضخمة. عندئذ سألته إن كان يود أن يبلغ الزعماء السوفييت عن التطورات المتوقعة للأوضاع، وعن تلك الأحداث التي قد تقع. هنا أجابني السادات بقوله: سوف أخبرك بذلك «في حينه». ولكنه، كما رأينا، لم يخبرني بشيء.
ناپیژندل شوی مخ