مصر له ناصره نیولې تر جنګه
مصر من ناصر إلى حرب
ژانرونه
وفي الوقت نفسه، أصبح الخلاف واضحا بين الرئيس والغالبية الكبرى من القيادات، التي كانت تشغل مناصب بارزة في الحكومة وفي الاتحاد الاشتراكي العربي. وفي الشأن الداخلي، قاد الرئيس اتجاها يهدف إلى التقليص الحاد لنشاط ومهام الاتحاد الاشتراكي العربي، الذي كان هو المنظمة السياسية الجماهيرية الوحيدة في مصر، والتي كانت قائمة على أسس أيديولوجية تقدمية. وإذا كان ناصر يحلم بأن يخرج من رحم هذه المنظمة تنظيما سياسيا باسم «طليعة الاشتراكيين»، فإن السادات قد سعى إلى حله.
أدرك السادات بسرعة أنه لن يستطيع أن يخضع بمفرده اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي العربي، فقد تشكلت داخل هذه اللجنة منذ ناصر ما يمكن اعتباره قيادة سياسية جماعية. وعلى سبيل المثال، فقد انتهت واحدة من أفكار السادات الطموحة في اتخاذ خطوات عملية نحو إقامة وحدة فيدرالية تجمع كلا من مصر وسوريا وليبيا (الجمهوريات العربية الفيدرالية) تحت قيادة مصر، بطبيعة الحال، انتهت بالنسبة له في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي بحالة من الفوضى. كانت هذه الفكرة الفجة والتي طرحت، علاوة على ذلك، دون تشاور مع أي من قيادات البلاد، مثارا للسخرية بين أعضاء هذه اللجنة، وهو ما أثار سخط السادات بالطبع الذي رأى أن على الجميع أن يمتثلوا لكل ما يقول.
تسنى لي حضور مؤتمرين عجيبين عقدهما الاتحاد الاشتراكي العربي؛ الأول في نوفمبر عام 1970م، حضره أعضاء اللجنة المركزية للاتحاد الذين تم انتخابهم في عهد ناصر. امتلأت قاعة الاحتفالات الكبرى في جامعة القاهرة، حيث عقد المؤتمر، بجمهور ارتدى غالبيته ملابس بسيطة راحوا يتصرفون بحرية ودون تكلف، بينما تصاعدت في القاعة أعمدة دخان السجائر، وعبر هذا الدخان وعلى نحو فني تسللت أشعة المصابيح المصاحبة للكاميرات التي أخذت في التقاط الأفلام التسجيلية وصور الوجوه والشخصيات الحاضرة في المكان. كان الموقف بأكمله يخلق انطباعا مباشرا بأن الحضور هم بالفعل ممثلو الشعب الذي نال استقلاله غير بعيد، وربما، لم يكونوا يمثلونه بدقة كما كان ينبغي، ولكنهم كانوا أناسا واثقين من أنفسهم بعد أن أصبحوا سادة في بلادهم، وأنهم ما داموا كذلك فسيجدون حتما الطريق الصحيح.
في يوليو من عام 1971م، كان الجمهور الذي حضر مؤتمر الاتحاد الاشتراكي العربي في قاعة الاحتفالات الكبرى مختلفا تماما. كان أغلبهم من الذين يميلون في الواقع لنهج السادات المعادي لعبد الناصر. نفس القاعة تشهد الآن أناسا يرتدون ملابس فاخرة، معتدين بأنفسهم على نحو ظاهر، على الرغم من حضور شخصيات أخرى في ملابسهم الشعبية، وتعكس ملامحهم روح البساطة، وإن كانوا هنا يمثلون أقلية لا تأثير لها. اتسمت كل الكلمات التي ألقيت بالرتابة والسطحية واتفقت على تمجيد السادات، وبالطبع فقد جاءت خالية من كل مضمون، على الرغم من أن المؤتمر كان مطالبا بتبني برنامج للعمل القومي، قام على إعداد وثيقته عزيز صدقي ومحمد حسن الزيات، وكلاهما كانا من قيادات الاتحاد الاشتراكي العربي.
ألقى السادات الخطاب الرئيسي. كان خطيبا متكلفا، قرأ الجزء الأكبر من خطابه بشكل استعراضي تمثيلي بارع، بينما راح يلقي بكل ورقة جانبا وإن لم يستطع أن يتلاعب بالبرنامج، حتى راحت الأوراق تقع من على المنصة إلى الأرض، ولم يكن السادات يلاحظ ذلك. ساد الصمت، وإذا به ينظر إلى الأوراق نظرة بليدة ويقلبها ذات اليمين وذات اليسار بطريقة توحي بوضوح أنه يسخر من البرنامج. كان من المعروف أن السادات غير راض في قرارة نفسه عن هذا البرنامج الذي كان يستشرف دعم قدرات القطاع العام واتخاذ إجراءات إصلاحية وتقدمية أخرى. وفي النهاية غمغم قائلا: «ما دام مشروع البرنامج موجودا بين يدي الأعضاء فلا حاجة للحديث عنه.» وهكذا لاذ السادات بالصمت ولم يطرح أي رقم.
بالمناسبة، تم استبدال «بالبرنامج» برنامج آخر تماما عضده مساعدوه الجدد بشدة باعتباره الدواء الناجع والشامل، وهو برنامج «الانفتاح» أمام رأس المال الأجنبي والمحلي.
والآن لنعد إلى أحداث نهاية عام 1970م ومطلع عام 1971م.
أشخاص بعينهم هم الذين يصنعون السياسة، وهم الذين يضعونها موضع التنفيذ؛ أي إن السياسة تنعكس من خلال تصرفات أشخاص محددين، وكان من الواضح منذ الأيام الأولى لتولي السادات منصب الرئيس أن جماعة من الذين كانوا يشغلون مناصب قيادية في عهد عبد الناصر قد اتخذوا موقفا مخالفا لنهج السادات. وعلى رأس هؤلاء، علي صبري نائب الرئيس، وشعراوي جمعة وزير الداخلية، وأمين اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، ومحمد فوزي وزير الحربية، ولبيب شقير رئيس مجلس الأمة، وضياء الدين داود أمين الدعوة والفكر باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، وسامي شرف وزير شئون رئاسة الجمهورية ، ومحمد فايق وزير الإعلام، وآخرون من قيادات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي وأمناء التنظيم في القاهرة والمدن الكبرى. وعلى الرغم من التباين والاختلاف تنظيميا بين كل هؤلاء، فإن المجموعة كانت تمثل عقبة أمام طموحات الرئيس الشخصية والتي كان يخفيها حتى عن أقرب المقربين له.
كان علي صبري يمثل الخطر الأكبر بالنسبة للسادات بسبب تفوقه الواضح عليه في الثقافة والتعليم والأفق السياسي. وفي 28 مارس 1971م أصدر السادات قرارا جمهوريا أزاح بموجبه ودون سبب واضح علي صبري من منصبه نائبا للرئيس. وكان السادات قد أبلغني بهذا القرار قبل نشره بيومين في محاولة منه لمعرفة رد فعلي تجاهه. وقد أخبرته أن «من الصعب علي التعليق على قرار اتخذه الرئيس. الأمر الوحيد الذي وددت أن أفعله هو أن أذكركم بالأمنيات الطيبة التي أبداها كوسيجين منذ نصف عام للقيادة المصرية عن ضرورة العمل بألفة وتضافر وتفادي الانشقاق في القيادة.» وعندها أخبرني السادات بلهجة حازمة أن القرار تم اتخاذه بالفعل.
لم يبد السادات أي اهتمام بالقضايا الداخلية، وعلى رأسها التنمية الصناعية والزراعية والنقل ورفاهية السكان وتطوير الثقافة. كانت القضايا الخارجية هي شاغله الشاغل، وأهمها قضية إزالة آثار العدوان الإسرائيلي وكل ما يرتبط بها من قضايا.
ناپیژندل شوی مخ