مصر له ناصره نیولې تر جنګه
مصر من ناصر إلى حرب
ژانرونه
أنزلونا، كوسيجين وزاخاروف وأنا في محل إقامة السفير السوفييتي على شاطئ النيل، غير بعيد عن السفارة، بينما نزل باقي الرفاق في فندق «هيلتون» على الضفة الأخرى للنهر.
وفي نفس الليلة التقى ألكسي كوسيجين بالسادات، بعدها توجه لتقديم واجب العزاء لأرملة ناصر. ولدى عودة ألكسي كوسيجين تساءل، وقد استغرق في التفكير، عما يعنيه هتاف الجماهير المتكرر: «ما تسيبناش.» ماذا كانوا يعنون بذلك؛ أسرة الراحل، الدولة، أم الشعب المصري؟ لماذا انفجر هذا الرجاء؟
ذهبت إلى وزير الخارجية محمود رياض، ثم إلى رئيس تحرير جريدة «الأهرام»، وهو في نفس الوقت وزير الإرشاد القومي محمد حسنين هيكل، الصحفي الشهير، وكانت تربطني به علاقة قديمة.
كان رياض يبكي. ماذا سيبقى لنا بعد ناصر؟ تعاليمه، حزبه، رفاقه في الفكر؟ هل سيتحمل الناصريون الخسارة، وهل سننتظر إلى أن يقوم خصوم ناصر ونهجه السياسي بامتلاك زمام الأمور في الداخل والخارج.
قال هيكل وعيناه مغرورقتان بالدموع: «لا أصدق، لا أصدق. أنتم الأصدقاء الأوفياء لناصر ما زلتم هنا، بينما هو توفي لتوه. أمر جيد أن يكون أول من وصل هم أفضل أصدقائه. لقد كان ناصر يفكر منذ فترة قريبة أن يلتقي بك، حتى إنه أعرب عن رغبته في أن يتم تعيينك سفيرا لدى القاهرة.» انتفض جسدي دون رغبة مني. لقد حان الوقت لأن أخبر هيكل بشأن تعييني، كنت أعلم أن كوسيجين موجود الآن لدى السادات وسوف يحدثه في ذلك.
حضر الجنازة رؤساء الدول ورؤساء الوزراء والشخصيات الحكومية البارزة، وقد طلب معظمهم أن يلتقوا برئيس الوفد السوفييتي، وأخبرني ألكسي كوسيجين أن السادات وافق على الفور على تعييني سفيرا، وأنه قد بات علي منذ اللحظة أن أحضر المباحثات جميعا بوصفي السفير السوفييتي الجديد. كانت الفكرة الرئيسية التي راحت تؤرق كل الشخصيات العربية كما قالوا لنا: إن مصر ينبغي ألا تفقد دورها القيادي أيا كان من سيصبح رئيسا لها، وإن مصر يجب أن تظل زعيما للعالم العربي؛ ولهذا فإن على المصريين أن يختاروا رئيسا يمكنه أن يواصل قضية ناصر، وفي هذه الحالة فقط لن تسقط الراية العربية المشتركة من يد مصر. فكرة صائبة، ولكن من بخلاف المصريين أنفسهم بمقدوره أن يحل هذه المسألة؟
تلقينا أنباء تفيد بأن الطامحين لمنصب الرئيس هم السادات في المقام الأول وكذلك حسين الشافعي، وهو واحد من القيادات الموجودة ومن ذوي الميول الإسلامية، وعلي صبري السياسي الشهير الذي تم تصنيفه باعتباره «يساريا». كما تردد الحديث عن مرشحين آخرين مثل الدكتور محمود فوزي، أحد أقدم الدبلوماسيين المصريين وأكثرهم خبرة، وزكريا محيي الدين الذي يعد سياسيا برجوازيا من الجناح اليميني، وآخرون.
كان ناصر قد قام، قبيل وفاته، بإدخال بعض التعديلات في المناصب القيادية، ويقال إنه لم يكن يحب أن يشغل المسئول مقعدا واحدا لمدة طويلة، ومن ثم يكتسب نفوذا فائقا. وقد عين السادات في منصب نائب الرئيس، بعد أن ظل هذا الرجل «غير مرضي عنه» لبعض الوقت. وهكذا شاءت الصدفة أن يكون أنور السادات في هذا المنصب عند وفاة ناصر.
من المعروف أن السادات لم يكن ينتمي إلى السياسيين الذين يتميزون بسعة الفكر. كان عضوا بتنظيم «الضباط الأحرار» الذي كان يرأسه ناصر عند قيام انقلاب عام 1952م، والذي انتهى بإزاحة الملكية، وهو الانقلاب الذي أيده الكادحون المصريون، والذي استحق أن يسمى بحق ثورة. وعلى الجانب الآخر، كان السادات هدفا لسخرية الضباط نتيجة ثقافته المحدودة وتواضع معارفه؛ ولهذا فقد راح يحاول تعويض هذا النقص بالتكلف والاصطناع والتظاهر بالتدين. كان رجل مكائد من قمة رأسه إلى أخمص قدمه، ولم يكن شخصا مستقيما صريحا، وكان يرى الآخرين متآمرين. كان دساسا ولم يكن ثوريا. هكذا رآه المصريون الذين كانوا يعرفونه جيدا.
كان اختيار مرشح للرئاسة الأمر الأكثر مسئولية وخاصة في ظل الظروف التي كانت تمر بها مصر، حيث تلعب شخصية الزعيم دورا كبيرا لا حدود له، وحيث حقوق الرئيس كثيرة وصلاحياته واسعة وفقا للتقاليد، أوسع بكثير مما في الدول الغربية على سبيل المثال. ولهذا فقد استمرت اجتماعات السياسيين المصريين مدة طويلة؛ إذ كان من الضروري التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. كان الجميع يدركون شيئا واحدا، وهو أنه ليس هناك نظير لناصر، وأن خليفته لا يمكن أن يطاوله. استمر الصدام بين المرشحين، وسرعان ما وصلوا، كما أخبرونا، إلى أن القرار يجب أن يكون في الوقت الحالي قرارا أقل ضررا وأكثر منطقية. وقالوا إن التناول البراجماتي في هذا الأمر قد لعب فيه عزيز صدقي الدور الأكبر، وصدقي هو رجل اقتصاد موهوب يتمتع بالتفكير الواضح، وكان آنذاك هو الوزير الأسبق للصناعة والتجارة. كان أكثر الحلول بساطة، هو ترك الجدل بشأن ترشيح رئيس دائم، وليكن نائب الرئيس، أنور السادات، هو الرئيس ولو مؤقتا، ثم لنبحث الأمر فيما بعد.
ناپیژندل شوی مخ