مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
ژانرونه
وأما شاهين فقد وصل يوم 21 نوفمبر إلى دهشور؛ حيث وجد بها في انتظاره ديوان أفندي طاهر وطوسون بن محمد علي؛ للترحيب به ولمرافقته حتى الجيزة، وأحضر شاهين معه هدية من إبراهيم بك ومحمد بك المنفوخ المرادي برسم الباشا نحو الثلاثين حصانا ومائة قنطار بن قهوة، ومثلها سكر وأربع خصيان وعشرون جارية سوداء، قدم هذه الهدية لمحمد علي، محمد كتخدا وعلي كاشف، فأرسل هذا صحبتهما هدية ومعهما ولده وديوان أفندي، وخلع شاهين على طوسون فروة، وقدم له تقدمة وسلاحا نفيسا إنكليزيا، وكان قد بلغ شبرامنت في 26 نوفمبر، فلما وصل شاهين إلى الجيزة في 6 ديسمبر، أطلقت مدافع كثيرة تحية لقدومه، وأولم له علي جربجي موسى الجيزاوي وليمة فاخرة، ولو أنه فرض مصروفها وكلفها على أهل البلدة، وذهب شاهين لزيارة الباشا يوم 8 ديسمبر، في موكب عظيم، فعدى إلى البر الشرقي مع طائفة كبيرة من الكشاف والمماليك وعربان الهوارة، وكان الباشا قد أمر المشايخ والسيد عمر مكرم بانتظاره صحبة ابنه طوسون بك عند مصر القديمة، فتلقاه هؤلاء وسلموا عليه، وكان معهم طائفة من الدلاة، فتألف الموكب الذي قصد إلى القلعة من الدلاة بطبلاتهم وسفافيرهم يسيرون في الطليعة، يتلوهم الكشاف والمماليك وعمر مكرم والمشايخ، ثم شاهين الألفي وبجانبه طوسون بك، وخلفهم الطوائف والأتباع والخدم، وخلفهم النقانير، واستمر الموكب في سيره حتى وصلوا إلى ضريح الإمام الشافعي فزاروه، ثم ركبوا وساروا إلى القلعة، وطلعوا باب العزب إلى سراية الديوان، وانفصل عنهم المشايخ ونزلوا إلى دورهم، وقابل شاهين الباشا فخلع عليه فروة سمور مثمنة وسيفا وخنجرا مجوهرا وتعابي، وقدم له خيولا بسروجها، ثم تغدى عند طوسون في سرايه بالقلعة، ثم زار حسن باشا فأكرمه وخلع عليه أيضا، وقدم له خيولا وركب ثلاثتهم: شاهين وطوسون وحسن باشا وذهبوا عند طاهر باشا ابن أخت الباشا، فسلم عليه أيضا وقدم له تقادم، ثم ركب شاهين عائدا إلى الجيزة، وذهب إلى مخيمه بشبرامنت، واستمر مقيما بالمخيم حتى تمم عمارة القصر، وتردد كشافهم وأجنادهم إلى بيوتهم بالمدينة فيبيتون الليلة والليلتين ويرجعون إلى مخيمهم. وفي 10 ديسمبر، انتقل الألفية بعرضيهم وخيامهم إلى بحري الجيزة.
وجذب هذا الكرم والسخاء عددا من كبار الألفية، الذين ملوا المنفى وتاقت نفوسهم لاستئناف حياتهم المترفة في القاهرة، فوصلها يوم 12 ديسمبر أربعة من صناجقهم، هم: أحمد بك الألفي، ونعمان بك وحسين بك الصغير، ومراد بك الألفي، طلعوا إلى القلعة وخلع عليهم الباشا فراوي، وقلدهم سيوفا، وقدم لهم تقادم، ثم نزلوا إلى حسن باشا، فسلموا عليه، وخلع عليهم أيضا خلعا، ثم ذهبوا إلى بيت صالح آغا السلحدار (سلحدار الباشا) فأقاموا عنده إلى أواخر النهار، ثم ذهبوا إلى بيوتهم التي بها حريمهم فباتوا بها، وذهبوا في الصباح إلى الجيزة.
وبالغ الباشا في إكرام الألفية، فدفع من عنده الصداق لعديلة هانم ابنة إبراهيم بك التي عقد لأحمد بك الألفي عليها في 16 ديسمبر، وقدر الصداق ثمانية آلاف ريال، وفي اليوم التالي نزل الباشا من القلعة، وذهب إلى مضرب النشاب واستدعى شاهين بك من الجيزة وعمل معه ميدانا وترامحوا وتسابقوا ولعبوا بالرماح والسيوف، ثم طلع الجميع إلى القلعة، واستمر شاهين بك عند الباشا إلى بعد الظهر، ثم نزل مع نعمان بك إلى بيت عديلة هانم فمكثا إلى قبيل المغرب، ثم أرسل إليهما الباشا فطلعا إلى القلعة فباتا عنده، ونزلا في الصباح وعديا إلى الجيزة.
واعتزم شاهين الزواج من أرملة حسين بك الوشاش الألفي، الذي غدر به جماعة عثمان البرديسي وقتلوه في غضون عام 1804 في ظروف سبق أن ذكرناها، واستأذن الباشا في ذلك، ولكن هذا قال: «إني أريد أن أزوجك ابنتي وتكون صهري، وهي واصلة عن قريب، أرسلت بحضورها من بلدي قولة، فإن تأخر حضورها جهزت لك سرية وزوجتك إياها.» وقد بر الباشا بوعده، فزوجه في منتصف مايو 1808، عندما تأخر حضور ابنته، سرية انتقتها لشاهين زوجة الباشا، ونظمتها، وفرش له سبع مجالس بقصر الجيزة، وجمعوا لذلك المنجدين، وتقيد بتجهيز الشواز والأقمشة واللوازم الخواجا محمود حسن البزرجان، من كبار التجار وأصحاب الوجاهة، وكذلك زوج الباشا نعمان بك سرية أخرى، وعمرت دار لسكناه وفرشت على طرف الباشا، وكثرت الأفراح حينذاك فتزوج علي كاشف الكبير الألفي بزوجة أستاذه، وعمر بك الأرنئودي بجارية من جواري الست نفيسة المرادية.
وعندما شاع خبر الصلح بين محمد علي وشاهين الألفي، وما لقيه الألفية على يدي الباشا من ضروب التكريم، قرر أمين بك الألفي الرجوع إلى مصر، وكان هذا - كما عرفنا - قد غادر البلاد عند جلاء حملة «فريزر» عن الإسكندرية لتوسيط الإنجليز لدى الباب العالي في صالح البكوات، وقابل «السير آرثر باجيت» في ثيندوس، ثم «السير ألكسندر بول» في مالطة، ثم «الميجور مسيت» في مسينا، وقصد أخيرا إلى طرابلس الغرب، رجاء أن تواتيه الفرصة للذهاب منها عبر الصحراء إلى مصر، فكتب «سانت مارسيل» من الإسكندرية في أول يونيو 1808: «ينتظر حضور قافلة كبيرة من طرابلس الغرب وسائر الوجاقات تتألف من آلاف المغاربة في طريقها إلى مكة المكرمة للحج وسوف يحضر أمين بك الألفي إلى مصر مع هذه القافلة.» وفي 15 يونيو وصل أمين الألفي إلى القاهرة، وكتب الشيخ الجبرتي في حوادث هذا اليوم أن أمينا قد حضر من غيبته وكان مسافرا مع الإنكليز ... فلم يزل غائبا حتى بلغه صلح خشداشينه مع الباشا فرجع، وطلع على ردته، فأرسلوا له الملاقاة والخيول واللوازم، وحضر في التاريخ المذكور. (2) الصلح مع بكوات الصعيد
وأثمرت المعاملة الكريمة التي لقيها شاهين الألفي وسائر زملائه ثمرتها الطيبة، فاستطاع محمد علي الاستعانة بهم على تطويع العربان في إقليم البحيرة خصوصا - وقد قدم ذكر ذلك - والأهم من هذا، أنه تمكن من توسيط شاهين الألفي في الصلح مع بكوات الصعيد من بيت مراد والبرديسي: إبراهيم بك الكبير، وعثمان بك حسن، وشاهين بك المرادي (خليفة البرديسي ) وغيرهم.
ومنذ 16 ديسمبر 1807 كان قد تم الاتفاق على إرسال نعمان بك ومحمد كتخدا الألفي وعلي كاشف الصابونجي إلى إبراهيم بك الكبير لإجراء الصلح، وغادر هؤلاء القاهرة في مهمتهم هذه في ذلك اليوم مزودين بمكاتبات من شاهين الألفي، وكان الغرض من مسعاهم إحضار بكوات الصعيد إلى القاهرة، يقدمون فروض الولاء لمحمد علي، ويعترفون بسلطانه ويعيشون في كنفه، وحتى يكونوا تحت رقابته وملاحظته، على غرار ما حدث مع شاهين وزملائه.
وكان بكوات الصعيد لا يظهرون نشاطا كبيرا في هذه الأيام بسبب انقساماتهم وخلافاتهم على مألوف عادتهم، وبسبب ما طرأ عليهم من ضعف مادي من حيث نقص أعدادهم، وما نجم عن اختلافاتهم واستئثار كل بك منهم بالنفوذ على عدد من المماليك يجمعهم حوله ويؤلف منهم حزبا يدين بالطاعة له وحده، ثم بسبب بلوغ إبراهيم بك وعثمان بك حسن سن الشيخوخة، وهما كبيرا البكوات، بينما لم يكن شاهين بك المرادي - رئيس المرادية، وأحد المباشرين والضاربين لحسين بك الوشواش بالبر الغربي ليلة خروجهم وتعديتهم لملاقاة الألفي - يستمتع إلا بسلطة اسمية فحسب؛ وعلى ذلك فقد قبل بكوات الصعيد المفاوضة في شروط الصلح بالرغم من معارضة إبراهيم بك وعثمان حسن اللذين انعدمت كل ثقة لهما في الباشا، وكانا لا يرضيان إلا بطرده من الباشوية، ولقد راح الوسطاء - نعمان بك ومحمد كخيا (كتخدا الألفي) والصابونجي، يبذلون قصارى جهدهم لاستمالة البكوات إلى نبذ نصيحة إبراهيم وعثمان حسن، وتقليل أنصارهما، بدعوى المعاملة - الطيبة التي سوف يلقاها بكوات الصعيد والشروط السخية التي سوف يمنحها الباشا لهم إذا قبلوا الصلح كالبكوات الألفية فنجحت مساعيهم، ولم يستمع أحد لتحذيرات إبراهيم وعثمان حسن، فقر الرأي على إيفاد مرزوق بك بن إبراهيم بك وسليم بك المحرمجي إلى القاهرة للمفاوضة في شروط الصلح.
وفي 5 مارس 1808 وصل مرزوق وسليم المحرمجي إلى القاهرة ومعهما علي كاشف الصابونجي، «فطلعوا إلى القلعة، وقابلوا الباشا، وخلع هذا على مرزوق بك والمحرمجي فروتين ونزلا إلى دورهما، وبدأت المفاوضة، وترددوا على الباشا وطلعوا ونزلوا إلى القلعة ومنها، وبلغوا رسائل الأمراء القبليين، وذكروا مطالبهم وشروطهم، وشروط الباشا عليهم والاتفاق في تقرير الصلح والمصالحة، واستمر ذلك عدة أيام.»
وعلق محمد علي آمالا كبيرة على توفيقه في هذه الخطوة؛ لأن الصلح إذا تم مع البكوات المماليك سوف يضع حدا لشرورهم وغوائلهم، ويمكنه من بسط سلطانه على الصعيد، وكان لخضوع بكوات الصعيد في هذا الحين بالذات أهمية كبيرة؛ لأن الباب العالي قد صار يستعجله الآن - كما عرفنا - بإلحاح متزايد الخروج في جيشه إلى الحجاز، ويطلب إليه إرسال الإمدادات من مال ومؤن ومهمات لمساعدة الدولة، وحرم امتلاك البكوات للصعيد الباشا من إيرادات هذا الإقليم الغني بحاصلاته وغلاله الوفيرة، فهو يستطيع إذا قبل هؤلاء الصلح معه على أساس الاعتراف بسلطانه - ومعنى الاعتراف بسلطانه كما أوضح الباشا نفسه في شتى المناسبات التي حصلت فيها مفاوضات الصلح أن يدفع البكوات المال أو الميري؛ أي الضرائب الحكومية لخزانة الولاية - أن يظفر بإيرادات الصعيد.
ناپیژندل شوی مخ