202

مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې

مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)

ژانرونه

وأما مبعوثا شاهين الألفي فقد بلغا الإسكندرية يوم 2 يونيو يحملان رسائل من رئيسهما، وينقلان إلى «فريزر» رغبة شاهين في الانضمام مع جماعته إلى البريطانيين، ثم استعداده لعرض خدماته على هؤلاء إذا كان الإنجليز ينوون الزحف من الإسكندرية والتقدم في داخل البلاد لامتلاكها، وقد أجاب «فريزر» على هذه العروض - كما ذكر للوزير «وندهام» في 16 يونيو - بإجابات عامة يشكر شاهين على هذه العروض ويذكر - تبعا للتعليمات التي لديه - رغبته في منح حمايته لكل تلك الأحزاب التي يبدو أنها تبغي صداقة الإنجليز، ولكنه رفض القيام بأي حركة أو زحف حتى تصله من حكومته أوامر بذلك، ثم إن «فريزر» لم يلبث أن علق على هذا الحادث بقوله: «ويظهر في وضوح وجلاء بفضل ما جمعته من معلومات من هؤلاء الناس (ويقصد «فريزر» مبعوثي شاهين الألفي) أن هناك نوعا من الانقسام بين البكوات الآن، وشاهين بك هو وحده في الوقت الحاضر الذي صح عزمه - كما يبدو - على توثيق صلاته مع الإنجليز، والأمور الآن في القاهرة والصعيد على حالة كبيرة من القلقلة حتى إني أشتبه في أن المماليك الآخرين إنما يريدون الوقوف وعدم التورط في شيء متأهبين للاستفادة مما قد يجد من ظروف؛ لأن هؤلاء الناس يبدو أنهم يريدون أن يقولوا: إن صلحا ما لم يعقد بينهم وبين الباشا محمد علي، وأنهم إنما يبغون كسب الوقت بخديعته.»

ذلك إذن كان رأي «فريزر» في عروض شاهين الألفي وفي موقف البكوات عموما، وهو رأي كان بفضل اقتناع «فريزر» به من البواعث التي جعلت هذا الأخير، ولأسباب أخرى سوف يأتي ذكرها في موضعها، يدخل في مفاوضات من أجل الصلح مع محمد علي، على أن «مسيت» الذي كان في قرارة نفسه يود تعطيل هذه المفاوضات، ويبذل قصارى جهده وبشتى الوسائل لإقناع حكومته والجنرال «فريزر» بالعدول عنها ، لم يلبث أن وجد في حادث مجيء مبعوثي شاهين إلى الإسكندرية بعروض هذا الأخير المبنية على أساس افتراضه أن الإنجليز يريدون احتلال أو امتلاك مصر بأسرها فرصة مواتية للإشارة مرة أخرى إلى المسألة التي أثارها بطريق غير مباشر في خطابه السابق إلى «كاسلريه»، فضلا عن اتخاذه هذا الحادث وسيلة للدفاع عن مسلكه في مسألة المماليك عموما، وهو الذي أكد فيما مضى أنهم لا محالة حاضرون للتعاون مع الحملة عسكريا، فكتب إلى «كاسلريه» في 17 يونيو: إن شاهين بك الألفي قد أوفد اثنين من صغار بكواته إلى «فريزر» ليقول إنه مخلص تمام الإخلاص للإنجليز، وأنه سوف ينضم بكل أتباعه إلى الجيش البريطاني بمجرد ظهور هذا الجيش في جهة رشيد أو دمنهور، ولما كنت أعرف مقدار النفوذ العظيم الذي لا يزال المماليك يتمتعون به في البلاد، وأدرك تماما مبلغ ما يستبد بالأهلين من رغبة في رؤية وقوع الاتصال بين جيشنا وقوات أولئك البكوات، فقد أوصيت القائد العام «فريزر» بأن يرحب بمبعوثي شاهين بك ترحيبا ممتازا، وقد سر «فريزر» أن يوافقني على هذا ...

ولما كان نشاط «فريزر» بمقتضى ما لديه من تعليمات مقصورا على احتلال الإسكندرية، فلم يكن في وسعه أن يفصل جزءا من الجيش الذي تحت قيادته للتعاون مع شاهين بك، ووجب إخطار هذا الأخير بذلك، وإنما بطريقة لا تجرده تماما من كل رجاء في الحصول على معاونة الحكومة البريطانية له في النهاية؛ لأنه لا يوجد أدنى شك في أن هذا الأمل وحده يمنع المماليك من الصلح مع محمد علي؛ ولذلك فقد عرضت على «فريزر» أن من المناسب أن يذكر له أنه عند إنزاله جنده في أرض مصر، كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بأن المماليك سوف يضمون صفوفهم إليه، وأنه كان قد صح عزمه لذلك على أن يساعدهم بكل ما لديه من قوة، ولكن آماله لم تلبث أن خابت من هذه الناحية، وأنه قد رفع كل ما حصل من وقائع إلى مقام جلالة الملك الذي يتوقع أن يصله منه سريعا تعليمات أخرى ، وأنه لما كان ملما بميول الحكومة البريطانية نحو المماليك، فهو واثق من أن هذه التعليمات سوف تكون في صالح البكوات ومحققة لرغائبهم، ولكنه في الوقت الراهن غير مفوض بالعمل، ولو أنه يوصي شاهين بقوة أن يظل متحدا معنا حيث إنه من الواضح أن من صالحه هو نفسه عدم فصل قضيته عن قضيتنا، وسوف ترون (مخاطبا «كاسلريه») أنه كان من المستحيل على «فريزر» أن يقول أكثر من ذلك إذا شاء عدم توريط نفسه بالتزامات معينة، كما لم يكن في وسعه أن يذكر أقل من هذا إذا شاء الإبقاء على عواطف شاهين بك الودية نحونا.

ولكنه يبدو مما ذكره «فريزر» نفسه في كتابه إلى «كاسلريه» الذي سلفت الإشارة إليه أن القائد العام لم يأخذ بنصيحة «مسيت» بحذافيرها، وأنه اكتفى كما قال بالإجابة على عروض شاهين في عبارات عامة هي التي ذكرها في كتابه هذا، وتعليل ذلك أنه إلى جانب ما حملته هذه النصيحة التي أسداها إليه «مسيت» من التغرير بالمماليك وشاهين بك وخديعتهم، كانت تنطوي كذلك على توريط القائد العام، وتوريط الحكومة الإنجليزية ذاتها بفتح الباب من جديد لنشاط يشبه ما حدث أيام أن ارتبط الجنرال «هتشنسون» بالتزاماته المعروفة حيالهم منذ سبع سنوات مضت؛ ولذلك فإنه بينما كان «مسيت» لا يزال يفكر بذهنية الرجل الذي خضع لمؤثرات ظروف معينة اختلفت كل الاختلاف على الظروف القائمة الآن، كان «فريزر» من جهته دائب التفكير والمسعى للوصول إلى اتفاق مع محمد علي يحول دون استمرار العمليات العسكرية، ويتيح له فرصة البقاء بالإسكندرية حتى يحين الوقت الذي يتمكن فيه من الانسحاب والجلاء عنها، وقد ذكر «هالويل»، عروض شاهين ومقترحاته والأسباب التي تحول دون قبولها، فقال في إحدى رسائله في 18 يونيو إلى نائب أمير البحر «ثورنبروه»

Thornbrough : «لقد صار لاثنين من البكوات جملة أيام هنا بالإسكندرية وقد أتيا برسالة إلى «فريزر» من شاهين بك تتضمن عبارات الصداقة والولاء للإنجليز، وهم (أي شاهين بك وأتباعه) شديدو الرغبة في مساعدتنا لهم من أجل جعلهم يمتلكون القاهرة ودمنهور، ولكنه لما كانت التعليمات التي لدى «فريزر» لا تبيح له تجاوز احتلال الإسكندرية، فليس في قدرته مساعدتهم، وحتى لو كان يميل إلى فعل ذلك، فإن قواتنا هنا لا تكفي لمحاولة فتوح أخرى في هذه البلاد، ولو أنها تكفي من ناحية أخرى للدفاع عن الإسكندرية.»

على أنه وإن كان في استطاعة الإنجليز الدفاع عن الإسكندرية - كما ذكر «هالويل» - فقد كان من الواضح أنه من المتعذر عليهم أن يستمروا في الدفاع عنها مدة طويلة، بل لقد تضافرت أسباب عدة على إقناع «فريزر» بأنه لن يكون في استطاعته البقاء طويلا في احتلال الإسكندرية، منها: تخاذل المماليك وعدم نجدتهم له، ومنها عدم كفاية النجدات التي أرسلها إليه الجنرال «فوكس» من صقلية للاحتفاظ بالإسكندرية طويلا، ومنها التدابير التي اتخذها محمد علي لحشد قواته، وما ظهر من عزمه عند تهيؤ الفرصة على الزحف بجيشه صوب الإسكندرية، فقد كتب إلى «فوكس» في 18 مايو: «إن العدو لا يزال في قوات عظيمة في جهة رشيد، وهناك من يقول إن عدد هذه ثمانية آلاف من الأرنئود والأتراك عدا شراذم حثالة القوم من كل الأصناف، ولديه مئات القوارب واثنا عشر زورق مدفعية متجمعة هناك، ويذيع أن عزمه قد صح على مهاجمتنا فورا من ناحية رشيد، ومن جهة صحراء مرابط العجمي، وأنه كان يأتي كذلك من طريق القناة، لو أننا لم نفتح القطع بين المعدية ومريوط، ومع أنني لا أرغب في أن أجد نفسي مطوقا في هذا المكان (الإسكندرية) ومحصورا به لضعف حاميتنا الحالية، ولاتساع نطاق التحصينات، والتي لا يمكن ترميمها وإصلاحها، فإني لا أكاد أظن أنهم (أي الأرنئود والأتراك) سوف يحاولون مهاجمتنا - وبخاصة وقد تأخروا في مهاجمتنا كل هذا الوقت الطويل، إذا أخذوا بعين الاعتبار كل تلك الصعوبات التي عليهم أن يصادفوها، إذا شاءوا اجتياز سفننا الحربية وزوارق مدفعيتنا عند أبي قير، وفي حضورهم عبر الصحراء من الجهة الغربية بطريق مرابط، وأما إذا فعلوا فسوف نبذل كل جهد لإصلائهم نارا حامية بإصلاح تحصيناتنا الأمامية - بقدر ما يسمح به الوقت وما لدينا من وسائل لفعل ذلك - وبتجهيز زوارق المدفعية التي لنا، وقد وجدت نفسي ملزما بشراء عشرة من هذه للدفاع عن مدخل بحيرة أبي قير، وعن بحيرة أبي قير نفسها والقطع الذي بين المعدية ومريوط وبحيرة مريوط وغير ذلك ...»

ثم عاد «فريزر» فكتب إلى الجنرال «فوكس» في اليوم نفسه: «لقد ذكرت بصورة خاصة عند تقديم طلبي بشأن النجدات التي أريدها حاجتي العظيمة إلى رجال المدفعية للدفاع عن التحصينات هنا وهي على نطاق واسع جدا، وأشعر لزاما علي لذلك أن أستحثكم الآن على إرسال عدد آخر من رجال المدفعية دون إبطاء لضرورة ذلك ضرورة قصوى؛ حيث إن ما لدينا منهم الآن لا يكفي للقيام بالخدمة الضرورية والمطلوبة منهم، إذا أخذنا بعين الاعتبار واجب وضع فرق من الجند عند قلعة أبي قير، وقطع القناة عدا ما تتطلبه الخدمات الأخرى المتزايدة والمطلوب من الجيش القيام بها، وفي 19 مايو كتب إلى «وندهام» يذكر له الجهود العظيمة التي بذلها منذ عودة الجيش من رشيد في تحصين الإسكندرية، حيث يجعل من الممكن بقدر الطاقة الاحتفاظ والتمسك بها، والتي يرجو إذا ظل العدو بعيدا عنها بعض الوقت كذلك، أن يجعلها مأمونة ضد هجوم يقع عليها لاقتحامها عنوة»، وقد نقل «فريزر» في هذه الرسالة خبر المحاولتين اللتين قام بهما جيش محمد علي ضد الإسكندرية يومي 10، 16 مايو وفشلهما، ثم استطرد يقول: «ومع ذلك أجد لزاما علي أن أرجوكم أن تأذنوا لي بتكرار القول بأنه علينا أن نناضل ضد عدو قوي، وكبير العدد، وقد يستمر تزايد قواته يوميا، بينما تصادفنا صعوبات كثيرة وعظيمة؛ ولذلك فلا زلت ألح في ضرورة إرسال نجدات من الجنود إلينا لا من المشاة فحسب، بل وكذلك من الفرسان ورجال المدفعية، حيث يتطلب اتساع التحصينات التي قد نجد من واجبنا الدفاع عنها، وطبيعة البلاد التي قد يصبح ضروريا القيام بعملياتنا العسكرية بها الاستزادة من صنفي الجنود الأخيرين؛ لأن الحاجة إلى هؤلاء ضرورية مثل ضرورة الحاجة إلى المشاة»، وكان «فريزر» على حق في تخوفه من تزايد قوات العدو يوميا؛ ذلك أن «مسيت» كان قد أبلغه منذ 8 مايو أن سفنا أربع قد أتت من الشام وقبرص خلال شهر أبريل وأنزلت اثنتان منها في ميناء دمياط جندا عثمانيين، وأن الجند محتشدون في قبرص على أهبة المجيء إلى مصر، ومن الممكن نزولهم في دمياط، كذلك إذا لم يفرض الإنجليز حصارا قويا على هذا الميناء، بينما لا يني محمد علي يجلب النجدات بكل وسيلة من مختلف الجهات، ولا مندوحة عن وضع مركب حربي عند دمياط لوقف تدفق الجنود عليها، ولا يقلل من أهمية هذه الخطوة، ولا يجب أن يمنع من اتخاذها القول بأنه في استطاعة الباشا جلب هذه النجدات بطريق الشام والصالحية إذا حوصرت كل الموانئ الشامية والمصرية؛ لأن هذا الطريق شاق وعسير لقلة الماء به؛ ولتعرض العسكر فيه لاعتداءات العرب عليهم.

وفي 21 مايو بعث «فريزر» إلى وزير الحربية «وندهام» بصورة من تقرير عن حالة التحصينات بالإسكندرية وضعه أحد الضباط «برجوين»

Burgoyne

من سلاح المهندسين في 8 مايو، وبعث «فريزر» بصورة منه كذلك إلى الجنرال «فوكس»، وهو تقرير على جانب عظيم من الخطورة، وكان من رأي صاحبه تعذر الدفاع عن الإسكندرية في الظروف الراهنة إذا خطر للعدو استخدام القوة التي فهم برجوين أنها لديه ضدها، وذلك لعدة أسباب ذكرها في الترتيب الآتي: أولا: امتداد التحصينات: حيث يزيد على ثلاثة أميال ونصف ميل، أقصر موقع يمكن احتلاله في وقت واحد، باستثناء السور الفرنسي حول المدينة الحديثة، وثانيا: حالة التداعي التي عليها التحصينات الآن؛ حيث إنها كانت أصلا تحصينات وقتية تركت من غير ترميم مدة ست سنوات، وليس لها الآن على وجه الخصوص متاريس لحماية الجند ووقايتهم، أو أرصفة لوضع المدافع عليها، الأمر الذي يتطلب إنجازه وقتا طويلا؛ بسبب قلة الرجال والأدوات وصعوبة العثور على الصناع العرب، وقلة الانتفاع بهم حتى إذا عثر عليهم، وثالثا : استحالة الوثوق في السكان العرب الذين هم وقد قاتلوا ذات مرة ضدنا صار من المحتمل كثيرا أن يفعلوا ذلك ثانية، مما يقتضي حتما ترك عدد كبير نسبيا من جنود الحامية بالمدينة إذا وجد من الحكمة الخروج منها لمقابلة العدو في الميدان، الأمر الذي يبدو لي أنه الوسيلة الوحيدة التي قد يحتمل إنقاذ المكان (الإسكندرية) بفضلها، ورابعا: أسلوب الحرب الخاص الذي يتبعه العدو، وهو أسلوب أكثر ملاءمة لجعله قادرا على المهاجمة أو الدفاع عن مكان متسع ودون تحصينات للدفاع المنظم وعلى نحو ما جرى به العرف، كالإسكندرية، ولا يستطيع جند أوروبيون مجاراتهم في ذلك، وخامسا: وهو سبب جوهري، قلة عدد رجال الحامية الذين لا يزيدون على ثلاثة آلاف جندي عامل، وهو عدد لا أرى أنه يكفي لمنع العدو من شق طريق له إلى المدينة في وقت مبكر جدا، ومن الواجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الفرنسيين عندما هوجموا في الحرب الماضية (1801) وكان لديهم بالإسكندرية أكثر من ثمانية آلاف جندي، وتحصيناتها في حال طيبة جدا، صاروا مع ذلك يشكون من عدم كفاية هذا العدد لحراسة ما قد يتطلبه واجب الدفاع عن مثل هذه المواقع ذات الامتداد الواسع إذا هوجموا من كل جانب.

ناپیژندل شوی مخ