مصر په د نهیم پېړۍ پیل کې
مصر في مطلع القرن التاسع عشر ١٨٠١–١٨١١م (الجزء الأول)
ژانرونه
Fonton
عند خروج «دروفتي» منها في الظروف التي عرفناها.
وعني «فريزر» بأمر الأسرى الإنجليز في قلعة القاهرة، فذكر الشيخ الجبرتي أنه وصل مكتوب من كبير الإنجليز الذي بالإسكندرية مضمونه طلب أسماء الأسرى من الإنجليز والوصية بهم وإكرامهم كما هم يفعلون بالأسرى من العسكر، فإنهم لما دخلوا إلى الإسكندرية أكرموا من كان بها منهم، وأذنوا لهم بالسفر بمتاعهم وأحوالهم إلى حيث شاءوا، وكذلك من أخذوه أسيرا في حرابة رشيد، وأنه قد كتب لكبير الإنجليز جوابا على رسالته، فقد كتب الميجور «فوجلسانج» إلى «فريزر» من قلعة القاهرة في أول مايو، يذكر بإيجاز حادث أسره وزملائه في معركة الحماد، ويقول إنه لا يستطيع أن يوفي الأتراك ما يستحقونه من الثناء على الطريقة التي عاملوه بها هو وزملاءه كأسرى حرب، والفضل في ذلك إنما يرجع إلى الأوامر التي أصدرها الباشا للعناية أعظم العناية بالجرحى، كما أثنى على القنصل الفرنسي «دروفتي» لجهوده التي يبذلها لتوفير سبل الراحة للأسرى وتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه، وسجل «فوجلسانج» في رسالته هذه أسماء الأسرى من الضباط سواء من كان منهم بالقلعة أو أسيرا في أيدي الأفراد العاديين، كما سجل أسماء الضباط القتلى، وعدد الأسرى عموما من مختلف الرتب، وقد حمل رسالة «فوجلسانج» إلى الإسكندرية الضابط «ماثيسون»
Matheson
فبلغها يوم 6 مايو، وكان الباشا قد أطلق سراحه، وأرسله بدلا عن ابن أخي عمر بك، وقيل إنه ابن أخي صالح قوش، ولكنه لما كان «فريزر» قد رأى من الضروري - كما قال - إبعاد هذا الأرنئودي من الإسكندرية وسافر مع من سافر إلى الروم بمتاعهم وأموالهم قبل الواقعة، وقد استطرد الشيخ الجبرتي يقول: «وحيث لم يكن المطلوب موجودا لم ير الإنجليز وجها لإبقاء الإنجليزي المذكور فردوه.»
وكان ذلك الحادث أحد العوامل التي ساعدت على خلق جو من التفاهم مهد للمفاوضة بين الباشا والإنجليز في ظروف سيأتي ذكرها.
على أن الذي يعنينا الآن من مسألة «ماثيسون» أن الخبر الوحيد الذي أتى به هذا الضابط إلى الإسكندرية - على نحو ما قال «فريزر» في رسالته إلى «وندهام» في 6 مايو أن المماليك قد عقدوا محققا صلحا مع باشا مصر، الأمر الذي من شأنه - كما استطرد «فريزر» يقول - أن يزيد حتما من حروجة موقفنا بالإسكندرية، وسواء كان هذا الخبر الذي أتى به «ماثيسون» صحيحا أم خاطئا، وقد عرفنا أن محمد علي قد عقد صلحا معهم قبل عودته من الصعيد إلى القاهرة في الشهر السابق، وإن ظل البكوات ينتحلون شتى الأعذار عن نزولهم إلى الجيزة لإبرام الصلح النهائي مع الباشا، نقول وسواء صحت الأخبار التي نقلها «ماثيسون» إلى «فريزر» أو كانت خاطئة، فالواقع الذي لمسه «فريزر» ولا سبيل إلى نقضه أن أحدا من البكوات لم يحضر لنجدته، حتى إن «مسيت» لم يلبث أن راح يستأنف مساعيه لدى شاهين بك الألفي وسائر البكوات يستحثهم على النزول من الصعيد، فكتب إلى شاهين الألفي منذ 19 أبريل، كما بعث بالكتب إلى إبراهيم بك وشاهين بك المرادي، وتسلم هذه الرسائل شاهين الألفي وهو بناحية ميمون - وهي في الشمال الغربي لأشمنت من أعمال بني سويف، ومرت أيام قبل أن يجيب شاهين بشيء، حتى إذا كان يوم 23 مايو بعث إلى «مسيت» برسالة جاء فيها أنه تسلم رسائله إليه وإلى والدنا أمير اللواء إبراهيم بك شيخ البلد ، وشاهين بك المرادي وهما اللذان لا يزالان بجهة المنيا، ثم أخذ يقول: «ولقد بعثت أرجو مرارا من سائر البكوات إما أن ينزلوا من الصعيد حسب اتفاقنا، وإما أن يبعث والدنا إبراهيم بك ببعض بكواته لمصاحبتي، ولكنهم لم يجيبوا على رجواتي هذه إلا بوعود مبهمة وغامضة المعنى، ولقد أرسلت إليهم اثنين من بكواتي وكاشفا يحملون رسائلك ورسالة مني كذلك، وقد كلفت هؤلاء المبعوثين بأن يكرروا عليهم ما أطلبه منهم فعمدوا عند وصولهم إلى الاستعانة بكل حجة ممكنة لإقناع البكوات الآخرين الذين بدلا من الإصغاء إلى ما قالوه، احتجزوهم لديهم مدة تسعة عشر يوما يؤكدون لهم كل مرة أنهم سوف يتحركون بمعسكرهم إلى الوجه البحري بعد يومين أو ثلاثة، ولكن بكواتي عندما تبين لهم أن البكوات من بيت مراد يعارضون دائما ما يريد إبراهيم بك شيخ البلد اتخاذه من استعدادات للسير، لم يلبثوا أن غادروا معسكرهم ورجعوا إلي يحملون رسالة من والدنا إبراهيم بك، يؤيد ما أبلغني إياه رسلي أنفسهم ويضيف إلى ذلك أن البكوات بأسرهم سوف يتبعونني في بحر يومين أو ثلاثة، وإني الآن لمقتنع تماما بأن وعودهم لي وعود جوفاء وأنهم لا يعنون ما يقولون، ويجب أن يعزى مبعث الصعوبات التي يثيرونها إلى مكائد محمد علي الذي استخدم أناسا لخديعة البكوات وإظهار الأوضاع لهم على غير حقيقتها، ومعسكري اليوم كائن عند ميمون وفي عزمي الاستمرار في السير صوبكم، ولكن الطريق يسده عربان البدو الذين في خدمة محمد علي، وإن رغبتي لشديدة في الوصول والانضمام إليكم؛ لأن القرى حيث يقوم معسكري مخربة تماما والأغذية نادرة، ولكني أخشى من وقوع حادث؛ لأن الجيش مرهق بما لديه من عتاد ثقيل وجمال كثيرة، لقد بعث إلي محمد علي عندما سمع بنزولي من الصعيد بأشخاص عدة يحملون مقترحاته للصلح معي، ولكني تجنبت الجواب عليها في صراحة.
وهكذا فإنه لما كان البكوات الآخرون لا يزالون بالصعيد، بينما أجد أمامي الباشا وعربانه، فمن المستحيل علي المضي في السير والوصول إليك إلا بابتداع تدبير ماكر، فلو أن جنودكم كانوا قريبين مني لكان في وسعي أن أجد وسيلة للانضمام إليكم؛ حيث إنه لا يتعذر وقتئذ استمالة العرب لترك الجانب الآخر والانحياز إلى جانبنا، فهم حينما يروننا أقوياء بدرجة كافية سوف لا يترددون في الإتيان إلينا .» ثم اختتم شاهين الألفي رسالته برجاء «مسيت» أن يبعث إليه برد يقف منه على عواطفه ونواياه، وأن يذكر له إذا خرج جيش الإنجليز وسار إلى القاهرة متى وأين في وسعه أن يقابله؟ والعدو حذر متنبه، ولكنني - كما استمر شاهين يقول - سوف أحاول جادا صرفه عن العمل النشيط أو الدخول في عمليات عسكرية حتى يصلني جواب منك، ولقد بعثت بعلي كاشف إلى محمد علي بدعوى المفاوضة معه حتى يتقصى الأخبار ويستطلع حقيقة الموقف.
وكان واضحا من هذا الكتاب وكما فهم «فريزر» نفسه أن البكوات ليسوا غير متحمسين فحسب للتعاون مع الإنجليز، بل ولا يبدون أي ميل ذلك، وأما «مسيت» فقد راح يرتب على هذه الحقيقة - التي هي أحد العوامل الهامة التي جعلت «فريزر» مصرا على رأيه في وجوب إخلاء الإسكندرية في النهاية وبالرغم من النجدات التي وصلته حديثا - عدة قضايا لإقناع حكومته من ناحية بأن وجودهم لا يؤثر في الواقع شيئا على موقف الحملة الراهن، بل وأنه من الخير طالما يستطيع الإنجليز لسبب من الأسباب مؤازرتهم عسكريا على بلوغ أغراضهم وإعادتهم إلى الحكم، ألا يحضر هؤلاء إلى الإسكندرية، ثم للإيحاء من ناحية أخرى إلى حكومته بصورة مستترة ومن خلال السطور بأنه من المصلحة أن تعاونهم حكومته على بلوغ مقصدهم، فإنه ما إن وصلته رسالة شاهين الألفي في 28 مايو حتى بادر بإرسال ترجمة هذه الرسالة إلى «كاسلريه» وزير الخارجية في اليوم التالي، وقال: «إن لها بعض الأهمية حيث تبسط ما يحدث من مكائد في المعسكر المملوكي، وتبين أن أحدا منهم لا يريد الانضمام إلينا في الوقت الحاضر، سواء كان مبعث ذلك عدم القدرة والعجز أو مجرد عدم الرغبة»، ثم شرع يقول: «وإنه لمن حسن الحظ أن يكون المماليك بعيدين هكذا عن الإسكندرية؛ حيث إن الجنرال «فريزر » ليس مخولا إسداء معاونة فعالة لأية جماعة أو حزب من الأحزاب، فلو أنهم كانوا بجوارنا لاستهلكوا أكبر قسم من الإمدادات والمؤن التي يأتي بها العرب إلى هذه المدينة، ولأمكنهم أن يكتشفوا سريعا أننا لا نميل للأخذ بآرائهم والعمل على تحقيق أغراضهم، ولقد أعطينا القدرة بسبب ما عليه الموقف الآن لا على الشكوى فحسب مما يبدو من عدم الهمة من جانبهم في خدمة قضيتهم، بل وكذلك على الامتناع عن مساعدتهم حتى تصلنا في هذا الشأن أوامر محددة من حكومة جلالة الملك.»
ولم يطرأ أي تغيير على موقف المماليك في الأيام التالية، حقيقة كتب إبراهيم بك إلى الجنرال «فريزر» بعد ذلك، كما بعث شاهين الألفي باثنين من بكواته إليه هما أحمد الألفي وأمين بك الألفي عدا رسوله مصطفى كاشف، ولكن لا كتاب إبراهيم ولا أقوال مبعوثي شاهين قد أتت بشيء جديد، فقد راح إبراهيم في رسالته إلى «فريزر» من بني سويف بتاريخ 12 يونيو يبسط الأعذار التي تمنعه من الذهاب إلى الإسكندرية للتعاون مع الإنجليز قبل أن يبدو من هؤلاء ما يدل بصورة قاطعة أنهم على وشك مهاجمة القاهرة ذاتها، فقال: إنه إنما يخط برسالته هذه إلى «فريزر» حتى يخبره أنه قد وصل إلى بني سويف مع جميع بكواته على مسافة ست عشرة ساعة من القاهرة، وأنهم ينوون البقاء بها (أي في بني سويف) حتى يكون جيش «فريزر» في طريقه فعلا إلى القاهرة لمهاجمتها، حتى إذا صار هذا على مسافة يومين أو ثلاثة منها، استأنف البكوات سيرهم لمقابلته أو انتظروا وصوله عند الجيزة، ثم طفق إبراهيم يؤكد له أن السبب الوحيد في تأخرهم السابق لم يكن سوى خوفهم على سلامة زوجاتهم وأسرهم التي هي تحت رحمة عصابات من قطاع الطرق لا يرحمون، وزوجاتهم وأسرهم هي كل ما يعنون به؛ لأنهم لا يملكون في القاهرة شيئا ذا قيمة، وقد أنهى إبراهيم رسالته بإظهار شكره وممنونيته لأصدقائه الإنجليز على ما أسداه هؤلاء للبكوات من خدمات نافعة، ويسأل المولى تعالى أن يمكنه من الاتحاد بقواته مع قواتهم، ويطلب من «فريزر» أن يحدد موعد زحف جيشه على القاهرة في الأيام العشرة الأخيرة من فصل الخماسين وعند فيضان النيل أو بعد هذا الوقت، وأن يبين له ما إذا كان الأوفق أن يقابله البكوات عند الجيزة أو بعد هذا المكان في ناحية الدلتا؛ لأنه - كما استمر يقول - عندما تتحد جيوشنا معا سوف يشغل الجند الذين بالقاهرة بشئونهم كثيرا حتى إنهم لن يجدوا وقتا للتفكير في إزعاج عائلاتنا وإلحاق الأذى بها.
ناپیژندل شوی مخ