كل مسافر ثلاثة أيام إلا وأن يكون أقل مدة السفر ثلاثة أيام، إذ لو كان أقل من ذلك يخرج بعض المسافرين عن استيفاء هذه الرخصة، والزيادة عليها منتفية إجماعًا، فكان الاحتياج إلى إثبات: أن الثلاثة أقل مدة السفر.
قوله: (بسير الإبل ومشي الأقدام) وذلك لأن أعجل السير سير البريد، وأبطأه سير العجلة، وخير الأمور أوسطها.
وعن أبي حنيفة: أنه اعتبر ثلاث مراحل، وهو قريب من ثلاثة أيام، لأن العادة من السير في كل يوم: مرحلة، خصوصًا في أقصر أيام السنة.
ولا معتبر بالفراسخ، لأن ذا يختلف باختلاف الطرق في السهول والجبال والبحار، وقيل: يعتبر بالفراسخ: أحد وعشرون، أو ثمانية عشر، أو خمسة عشر، ولا يعتبر السير في الماء بالسير في البر، والمعتبر في البحر ما يليق بحاله كما في الجبل.
والفتوى: على أن ينظر: أن السفينة كم تسير في ثلاثة أيام ولياليها عند استواء الريح؟ لم تكن عاصفة ولا هادية، فيجعل ذلك أصلًا.
قوله: (وفرض المسافر في كل رباعية) مثل الظهر والعصر والعشاء (ركعتان) ولا يقصر المغرب ولا الوتر، وإن كان أبو حنيفة يقول بفرضيته.
وفائدة هذه المسألة: تظهر في التي تليها وهي قوله: (فلو صلى أربعًا) أي فلو صلى المسافر الرباعية أربعًا على حالها ولم يقصر (ينظر إن كان قرأ في الأوليين، وقعد في الركعة الثانية قدر التشهد: صحت صلاته) وتصير الأوليتان فرضًا والأخريان نفلًا (وإن لم يقعد في الثانية قدر التشهد: بطلت صلاته) لأن القعدة في الثانية فرض في حقه، وقد تركه.
والشافعي يخالفنا في ذلك.