============================================================
نهاج القاصدين وشفيد الصاددين والمستغرق عمره في مجادلات الفقه، كالمخكم للخيوط التي بها تخرز المزادة، ونسبة هذين إلى السالك لطريق إصلاح القلب كنسبتهم إلى سالكي طريق الحج ومباشري أركانه.
بيان وظائف المرشد المعلم اعلم أن للإنسان في علمه أربعة أحوال، كما له في اقتناء الأموال.
إذ لصاحب المال حالة استفادة، فيكون مكتسبا، وحالة ادخار لما اكتسبه، فيكون به غنيا عن السؤال، وحالة إنفاق على نفسه فيكون به منتفعا، وحالة بذل لغيره، فيكون به سخيا متفضلا، وهو أشرف أحواله، فكذلك العلم يقتنى كالمال(1)، فله حالة طلب واكتساب، وحالة تحصيل تغني عن السؤال، وحالة استبصار، وهو التفكر في المحصل والتمتع به، وحالة تبصير وهو أشرف الأحوال.
فمن علم وعمل وعلم فهو الذي يدعى عظيما في ملكوت السماء؛ لأنه يكون كالشمس (2 المضيئة في نفسها2) المضيئة لغيرها، وكالمسك الطيب في نفسه المطيب لغيره.
فأما الذي يعلم ولا يعمل فكالكتاب، يفيد غيره وهو خال من العلم، والمسن الذي يشحذ غيره ولا يقطع، والإبرة تكسو غيرها وهي عارية، وذبالة(2) المصباح تضيء لغيرها وهي تحترق.
وإذا أقبل العالم على التعليم فقد تقلد أمرا عظيما، فليحفظ آدابه ووظائفه، وأمهاتها ثمانية: الوظيفة الأولى: الشفقة على المتعلمين، وأن يجريهم مجرى بنيه، فإن النبي (1) في (ظ): "بالمال".
(2-2) سقط من الأصل.
3) الذبالة هي : الفتيلة، وجمعها: ذبال. "اللسان": (ذبل).
مخ ۶۰