285

منهاج المتقین په علم الکلام کی

كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)

ژانرونه

علوم القرآن

قال القاضي: معنى {أحسن كل شيء} في اللغة كمعنى أحسن في كل شيء، وقولهم: مراده بقوله: أحسن، أي علم باطل لأنه لم يرد أحسن في اللغة بمعنى علم، وإن ورد مضارعها كما في وذر ودع فرد مضارعها دون ماضيها. على أنا قد قدمنا أنه لا يجوز إجراؤه على الله لإيهامه الخطأ. ومنها: قوله: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا} ونحوها مما يقتضي نفي العبث، وعلى أصلهم أن كل باطل يقع في العالم فهو خلقه. ومنها: قوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ونحوها مما يقتضي أنا مختارون في أفعالنا. ومنها قوله: {وتخلقون إفكا}، ونحوها مما يدل على أنهم المقدرون لأفعالهم. ومنها قوله: {بما تعملون} {بما تصنعون} {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون}، {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم}، {يوم تجد كل نفس ما عملت}، {وقدمنا إلى ما عملوا}، {ومن يعمل سوءا يجز به} ونحو ذلك مما يصرح بأن لنا أعمالا نجازى عليها، والقرآن مشحون بذلك، ومذهبهم يقتضي صرف أكثر القرآن عن ظواهره ويدخله في قالب الهذيان؛ لأنه يكون التقدير بما يعمل فيكم بما يصنع فيكم. ومنها ما يرد فيه لام العرض نحو: {ولقد صرفنا في هذا القرآن} {ليذكروا} و{لعلهم يذكرون} {لعلكم تعقلون}، ونحو ذلك، وتقديره عند الخصم، ولقد صرفنا في هذا القرآن لتخلق فيهم الذكر وأشباه ذلك. ومنها ما يتضمن النهي عن الاستهزاء بآيات الله نحو: {ولا تتخذوا آيات الله هزؤا} {أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها} ولا استهزأ أبلغ من القول بأنه لا فائدة فيها ولا قدرة على امتثالها ولا معنى لأوامرها ونواهيها، يقول الله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد /191/ فلا إثم عليه}، ويقول الخصوم لا إثم إلا على ما اضطررنا إليه، ويقول الله: {لا إكراه في الدين} ويقولون: لاختيار فيه، ويقول الله: {قد تبين الرشد من الغي} ويقولون: لا فائدة في التبين لأنه إن خلق فينا الرشد رشدنا وإن خلق فينا الغي غوينا، ويقول الله: {قد جاءكم الرسول بالحق فآمنوا} ويقولون: لا سبيل للكفار إلى الإيمان وإلى الانتفاع بما جاء به. وعلى كل فلا يكاد تخلو آية من كتاب الله إلا ومذهبهم يقتضي صرفها عن ظاهرها وإبطال معناها.

فصل في ذكر بعض ما ألزمهم أصحابنا على القول بأن أفعال

العباد من الله

فمن ذلك أنه يلزمهم ارتفاع معرفة الصانع تعالى؛ لأن العلم بمعنى المحدث في الغائب ينبني على العلم بمعناه في الشاهد، ولسنا نعقل من معنى المحدث في الشاهد إلا أن أفعاله توجد بحسب أحواله، وذلك ينبني على أن لنا أفعالا لأنها لو وجدت بحسب أحوالنا وهي من فعل غيرنا لجاز مثله في كل شيء يفرضونه صانعا للعالم، ومن ذلك أنه يلزمهم أن لا يصح معرفة شيء باكتساب قط؛ لأن علومنا إذا كانت من فعل الله تعالى فهي ضرورية، وهذا مع كونه محالا للزوم اشتراك العقلاء فيه، فإنه يلزم الخصوم عليه أن لا يصنفوا الكتب ولا ينصبوا الأدلة، بل كان سبيلهم في كل مسألة أن يقولوا: نحن نعلم ما ذهبنا إليه ضرورة وأن لا يطلبوا من خصومهم الرجوع إلى مذهبهم لأنهم كيف يعلمون ما لم يخلق الله فيهم العلم به.

ومن ذلك يلزمهم أن لا تكون فائدة في إرسال الرسل وإنزال الكتب والأمر والنهي؛ لأن الله تعالى إن خلق الكفر والإيمان وجد أو إن لم يخلقهما فلا سبيل إليهما، وكذلك يلزم قبح مجاهدة الكفار؛ لأن لهم أنيقولوا أتجاهدوننا لأجل أن الله خلق فينا الكفر أو لأجل أنه لم يخلق فينا الإيمان وكل ذلك بمنزلة مجاهدتنا على صورنا وألواننا، وكذلك يلزم قبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومجادلة الخصوم، وطلب العلوم ونحو ذلك.

مخ ۲۹۱