============================================================
لتعلموا أنهم هم الذين عرفوا قدر هذذه النعمة، ورسخ في قلوبهم تعظيمآها، وهان عليهم فوت كل شيء دونها، فطاب لهم احتمال كل شدة دونها، يستغرقون جميع العمر في شكرها، فلذلك أستأهلوا هذه المنة الكريمة والنعمة العظيمة في سابق علمنا، وخصصناهم بها دونكم، فهلذه هلذه ثم أقول : وكذلك كل فريق من الناس خصهم الله تعالى بنعمة من نعم ألدين من علم أو عمل. فإنك تجدهم بالحقيقة أعرف الناس بقدرها، وأشدهم تعظيما لها، وأجدهم في تحصيلها، وأعظمهم في إكرامها، وأقومهم بشكرها، والذين حرمهم الله ذلك فلقلة أحتفالهم وتعظيمهم لحقها بعد القذر السابق فلو كان تعظيم العلم والعبادة في قلوب الشوقة والعامة مثل ما هو في قلوب العلماء والمتعبدين.. لما آثروا سوقهم عليه ، وهان عليهم تركه، ألا ترى أن فقيها إذا ظفر بتعليم مسألة كانت ملتبسة عليه.. كيف يرتاح قلئه، ويعظم سروره، ويجل موقعها من قلبه؟ حتى ربما لو وجد ألف ألف دينار.. ما كان يعدل ذلك، وريما يهمه أمر مسألة في باب الدين فيتفكر فيها سنة، بل عشرا ، بل عشرين وأكثر، لا يستكثر ذلك ولا يمل، حتى ربما يرزقه الله تعالى فهم ذلك فيعده أعظم منة، وأكبر نعمة ، ويرى نفسه بذلك أغنى كل غني ، وأشرف كل شريف، بل ربما يتبين مثل هلذه المسألة لسوقي أو متعلم كسلان يرى من نفسه أنه مثله في الرغبة في العلم والمحبة له فلا يستمع إليه حقه، وربما إن طال عليه الكلام يمل وينام ، وإن تبين ذلك له .. فلا يعده كبير أمر : وكذلك المنيب إلى الله تعالى ، كم يجتهد ويدأب بالرياضة وصيانة النفس عن الشهوات واللذات، وإلجام الأركان في الحركات والسكنات، عسى أن يتهم الله تعالى له ركعتين في آداب وطهارة ، وكم يتضرع إلى الله تعالى عسى أن يرزقه ساعة مناجاة بصفوة وحلاوة ، فلئن ظفر بذلك في شهر مرة ، بل في سنة مرة، بل في العمر كله مرة.. عذ ذلك اكبرمنة، وأعظم نعمة، فكم يسو، وكم يشكر الله تعالى ولا يكترث بما قاساه من المشقات ، وكابد من الليالي ، وهجر من اللذات فيها.
مخ ۲۶۲