============================================================
صاغرين، حتى ربما ينظر إليهم نظرة، ويقضي لهم بفضله حاجة، أو يتجاوز عنهم بكرمه زلة، فمع هلذه العظمة والجلال ، والملك والكمال قد أذن لك في حقارتك وعيوبك، وأنت الذي لو أستأذنت على رئيس بلدك.. فربما لا يأذن لك، وإن كلمت أمير ناحيتك.. فربما لا يكلمك، وإن سجدت لسلطان بلدك بالأرض..
فربما لا يلتفت إليك، أذن لك جل جلاله حتى تعبده وتثني عليه وتخاطبه ، بل تدل عليه بالمسألة وتباسطه، فتستقضيه حاجاتك، وتستكفيه مهماتك، ثم إنه يرضى ركعتيك في معايبهما ، بل يعدآ لك عليهما من الثواب ما لا يخطر بقلب بشر، وأنت مع ذلك تعجب بهاتين الركعتين ، وتستكثر ذلك وتستعظمه، ولا ترى منة الله عليك في ذلك، فما أسوأك من عبد ! وما أجهلك من إنسان ! والله تعالى المستعان، وإليه المشتكى من هلذه النفس الجاهلة وعليه الثكلان، فهاذه هلذه .
فتاق (في ضرب مثال تتضح به حقيقة المعجب بعمله] وعلى وجه آخر: الملك العظيم إذا أذن بإدخال الهدايا إليه ، فيدخل بحضرته الأمراء، والكبراء والرؤساء، والنبلاء والأغنياء بأنواع الهدايا؛ من الجواهر الثمينة، والذخائر النفيسة، والأموال الجليلة. . فإن جاء بقال بباقة بقل ، أو قروي بسلة عنب تساوي دانقا أو حبة، فيدخل في حضرته ويزاحم أولئك الأكابر والأغنياء بهداياهم الكثيرة الشريفة ، وهذا الملك يقبل من هلذا الفقير هديته، وينظر إليه بنظر القبول والرضا، ويأمر له بأنفس خلعة وكرامة..
ألا يكون منه ذلك غاية الفضل والكرم ؟
فإن أخذ هذا الفقير يمن بذلك على الملك ويعجب به، ويستعظمه وينسى ذكر منة الملك. . الا يقال: هلذا مجنون مضطرب العقل ، أو سفيهآ سيىءآ الأدب، عظيم الجهل؟
فالآن إنك إذا قمت لله ليلة وصليت له ركعتين؛ فإذا فرغت.. فتفكر كم قام لله سبحانه في هلذه الليلة من الخدم في أقطار الأرض برها وبحرها ، وجبالها 24
مخ ۲۴۱