============================================================
أما نفعه : فعلى ما ذكرناه من شدة الحاجة للعبد إليه ، وبناء أمر العبادة كله عليه، لا سيما علم التوحيد وعلم السر ، فلقد روي : أن الله تعالى أوحى إلى داوود عليه السلام فقال : يا داووذ؛ تعلم العلم النافع، فقال : إلهي ؛ وما العلم النافع ؟ قال : أن تعرف جلالي وعظمتي وكبريائي، وكمال قدرتي على كل شيء ؛ فإن هذا الذي يقريك إلي .
وعن علي كرم الله وجهه أنه قال : (ما يسرآني أن لو مث طفلا وأدخلث الجنة ولم اكبر فأعرف ربآي)(1) ؛ فإن أعلم الناس بالله أشدهم له خشية ، وأكثرهم عبادة، وأحسنهم في الله سبحانه وتعالى نصيحة وأما شدتها (2) : فابذل نفسك في الإخلاص في طلب العلم ، وليكن الطلب طلب دراية لا طلب رواية واعلم : أن الخطر عظيم، فمن طلب العلم ليصرف به وجوة الناس إليه ، ويجالس به الأمراء، ويباهي به النظراء، ويتصيد به الحطام.. فتجارته بائرة، وصفقته خاسرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من طلب العلم ليفاخر به العلماء، أو ليماري به الشفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه. أدخله الله النار"(3).
قال أبو يزيد البسطامي رحمه الله : (عملث في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدت شيئا أشد علي من العلم وخطره)(4).
وإياك أن يزين لك الشيطان فيقول لك : إذا كان قد ورد هذا الخطر العظيم في العلم. فتركه أولى، فلا تظنن ذلك ، فلقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أطلعت ليلة المعراج على التار، فرأيت اكثر أهلها
مخ ۵۱