منهاج العابدين

Al-Ghazali d. 505 AH
147

منهاج العابدين

منهاج العابدين

ژانرونه

============================================================

ونصب، ومهانة وذل، وقدموا الآخرة مفاليس، بين أيديهم الحساب والعذاب إن لم يرحم الله تعالى بفضله: وانظز كم من آية أنزل الله تعالى في ذلك، وكم ذكر من وعده وضمانه وقسمه على ذلك، ولم تزل الأنبياء والعلماء يعظون الناس، ويبينون لهم الطريق، ويصنفون لهم الكتب، ويضربون لهم الأمثال، ويخوفونهم بالله تعالى، وهم مع ذلك لا يهتدون ولا يثقون ولا يطمئنون ، بل هم في غمرة من ذلك لا يزالون يخافون أن يفوتهم غداء أو عشاءآ.

وأصل ذلك كله : قلة التدبر لآيات الله سبحانه ، وقلة التفكر في صنائع الله ، وترك التذكر لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وترك التأئل لأقوال الصالحين ، مع الاسترسال لوساوس الشيطان، والإصغاء إلى كلام الجاهلين، والاغترار بعادات الغافلين، حتى تمكن الشيطان منهم، ورسخت العادات في قلويهم، فتأدى بهم ذلك إلى ضعف القلب ورقة اليقين.

وأما الأخيار الذين هم أولو الأبصار وأرباب الجد والاجتهاد : فأبصروا طريق السماء فلم يعبؤوا بأسباب الأرض، واعتصموا بحبل الله فلم يكترثوا بعلائق الخلق، وتيقنوا بآيات الله تعالى وأبصروا طريقه فلم يلتفتوا إلى وساوس الشيطان والخلق والنفس.

فإذا وسوس لهم شيطان أو نفس أو إنسان بشيء. . قاموا بالمشاقة والمدافعة والمخالفة، حتى ولى الخلق عنهم ، وأعتزل عنهم الشيطان، وانقادت لهم النفس، واستقام لهم الطريق المستقيم، على ما ذكر عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى أنه لما أراد أن يدخل البادية.. أتاه الشيطان فخوفه بأن هلذه بادية مهلكة ولا زاد معك ولا سبب ، فعزم على نفسه رحمه الله أن يقطع البادية على تجوده ذلك ، وألأ يقطعها حتى يصلي تحت كل ميل من أميالها ألف ركعة(1) ، وقام بما عزم عليه ، وبقي في البادية اثآنتي عشرة سنة ، حتى إن الرشيد حج في

مخ ۱۸۱