============================================================
فأفضت على مباركها بز كثها فالبويب فالخضراء (فأفضت) من الفضيض، وهو: الماء العذب أو السائل (على مباركها بركتها) هي: أول محل يلي طريق الحجاز، يجتمع الحجاج فيه للتأهب لسفرهم، ولذلك كان مجمعا عظيما، يجلب إليه كل ما يحتاجه الحجاج، سميت بذلك؛ لأن ماء النيل يأتي إليها، فيمكث فيها زمنا طويلا، وكانت فضاء صرفا، فعمر فيها القطب الرباني البرهان المتبولي رضي الله تعالى عنه من نحو سبعين سنة جامعا، وجعل فيه مجاورين يقرؤون القرآن، فعادت بركته عليهم، حتى ذكر بعض صالحيهم ممن أدركناه يؤم بالجامع الأزهر أنه اشتهى زيارة أمه بالعجم وهو ثم، فاستأذن الشيخ في السفر لتلك البلاد، فلم يأذن له، ودخل إلى خلوته والناس يقرؤون القرآن على بابها، فرآى نفسه ببلده عند أمه، فسلم عليها، وأقام عندها أربعة أشهر يعدها بالأيام والليالي، ثم اشتاق للشيخ، فرأى نفسه في خلوته ، فخرج فرأى القراء قد قرؤوا في تلك المدة نحو ربع القرآن: وهذذا من بعض كرامات الأولياء أن الله تعالى يطوي لهم الأرض، ويفسح لهم في الزمن، ووقع لهم من نظائر ذلك ما لا يحصى ، وإنكار اتساع الزمن القليل دون طي الأمكنة.. تحكم؛ لأن كليهما من حيز الكرامة، فإذا جاز أحدهما. جاز الاخر: فتأمله ثم بنى الشيخ ثم الناس حول ذلك الجامع أبنية وبساتين لا زالت تتسع ببركته حتى صارت الان قرية كبيرة: أي : فأفاضت البركة على مبارك تلك الناقة من الماء العذب ما أرواها وراكبها ومن (ف) بعد البركة منازل للحجاج في هنذا الطريق أكثرها مشهور لغالب الحجاج) فلا حاجة لنا إلى مزيد بيانها ، هي (البويب) وإنما حملت النظم على هذا؛ لايهامه أن (أفضت) عام في الكل، وهو غير مراد إن أراد به ما ذكرناه، فإن أراد به أنه من الفضاء؛ أي: فاتسعت على مبارك الناقة بركتها لمزيد سعتها.. صح عطف ما بعده عليه من غير حاجة إلى التأويل الذي ذكرته.
مخ ۴۰۷