============================================================
الأجناس المختلفة، ولا يعارضه أن المفرد - وهو العالم - أدل على الشمول والاستغراق؛ إذ الجمع قد يحتمل غير الشمول ؛ لأن الغرض هنا : افادة أن له أجناسا مختلفة كالجن والإنس والملائكة والأفلاك والدواب والجماد وغير ذلك، واستغراق جميعها بطريق المطابقة، ولو قيل: العالم.. لأوهم استغراق بعض آفراد تلك الأجناس فقط، ولأصحاب حواشي " الكشاف " هنا كلام متباين، هلذا أحسنه، وغلب في جمعه بالواو والياء والنون العقلاء لشرفهم، وجمع جمع قلة مع أن الظاهر مستدع الإتيان بجمع الكثرة تنبيها على أن العوالم - وإن كثرت - قليلة في جنب عظمة الله تعالى وكبريائه وقيل: العالم: اسم وضع لذوي العلم ، وهو الإنس والملائكة والجن، وتناوله لغيرهم على سبيل الاستتباع، فهو مشتق من العلم، وقيل: عنى به الناس، فإن كل واحد منهم عالم من حيث إنه يشتمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والأعراض التي يعلم بها الصانع، ولذلك سوى بين النظر فيهما فقال تعالى : وفى أتفكر أفلا تبصرون}، وقد بين حجة الإسلام في كتابه " الإنتصار لما في الأجناس من الأسرار" وجه اشتمال الإنسان على نظير ما في العالم بما فيه طول، فراجعه فإنه بديع ومنه: أن العالم انقسم إلى عوالم : عالم الملك، وهو الظاهر للحواس، وإلى عالم الملكوت، وهو المدرك بالعقل، وعالم الجبروت، وهو المتوسط الذي أخذ بطرف كل عالم منهما، والإنسان كذلك، فالمشابه للأول أجزاء بدنه، وللثاني نحو روحه وعقله وإرادته، وللثالث الادراكات الموجودة بالحواس، والقوى الموجودة بأجزاء البدن: (علما) تمييز؛ أي: وسع علمه صلى الله عليه وسلم علوم العالمين الإنس والملائكة والجن؛ لأن الله تعالى أطلعه على العالم ، فعلم علوم الأولين والاخرين ما كان وما يكون كما مر، وحسبك في ذلك القرآن الذي آوتيه ومثله معه كما صح عنه (1)، وقد قال تعالى : ما فرطنا فى الكتب من شق ء} ، ويلزم من إحاطته صلى الله (1) أخرجه أبو داوود (4594)، وأحمد (130/4)، والبيهقي في " الدلائل* (549/6) وغيرهم
مخ ۲۳۹