============================================================
أي: أسبابه من الحلم والعفو والصفح والشجاعة المشبهة في اشتمالها على من قامت به حتى منعته من وقوع بادرة مته عند ثوران نار الغضب.، بحبال ربطت على شيء وأحكمت في عرى فاستمسكت عليه ولم يمكن حلها ولا نقضها، فذكر (العري) استعارة تخييلية، وتشبيه الصبر بالثوب السابغ ذي الأزرار والعرى المحكمة استعارة بالكناية، وذكر (لا تحل) ترشيح: وحسبك صبره على من حاربوه يوم آحد في آشد ما نالوه به من كسر رباعيته وشج وجهه، فسال الدم على وجهه الشريف، وشق ذلك على أصحابه فقالوا: يا رسول الله؛ لو دعوت عليهم فقال : "أللهم؛ اغفز لقؤمي" أو: "آهد قؤمي؛ فإنهم لا يعلمون " أي : لا تعاجلهم بالعقوبة من أجلي ، فإنهم لا يعلمون تفاصيل ما يترتب عليهم في ذلك من آنواع العذاب وأصناف العقاب.
وروي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال : بأبي آنت وأمي يا رسول الله؛ لقد دعا نوح على قومه فقال : رب لانذرعلى الأرض. ..) الآية، ولو دعوت علينا مثله..
لهلكنا عن آخرنا، فلقد وطىء ظهرك ، وأدمي وجهك ، وكسرت رباعيتك ، فأبيت أن تقول إلاخيرا ، فقلت : " اللهم؛ أغفز لقؤمي فإنهم لا يغلمون" .
وإنما قال صلى الله عليه وسلم يوم الخندق حين شغلوه عن صلاة العصر: " أللهم : أملأ قلوبهم نارا"(1) لأن الحق لله تعالى ، وهو صلى الله عليه وسلم لم يكن يغضب لتفسه، وإنما يغضب إن انتهكت حرمات الله، امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى : جهد الكفار والمتفقين واغلظ عليهم}، ومن ثم غضب صلى الله عليه وسلم في أماكن متعددة لأسباب مختلفة، للكن مرجعها إلى آنه لم يغضب لنفسه، بل لربه.
وقد صح عن زيد بن سعنة - بمهملة ونون مفتوحتين، وهو من آجل أحبار اليهود الذين أسلموا - أنه قال : لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه : يسبق حلمه جهله، (1) ذكره في "مجمع الزوائد" (143/6)، وقال : (رواه الطبراني في " الأوسط " عن شيخة أحمد ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)
مخ ۲۳۰