============================================================
برهن عليه بقوله: (106 كم يد عن نبيه كفها الله وفي الخلق كثرة وأجتراء (كم يد) أي: جارحة (عن نبيه كفها الله) أي: منعها وخذلها، فلم تصل إليه بسوء قصد به النبي صلى الله عليه وسلم (و) الحال أنه قد وجد (في الخلق) أي: المخلوقين الذين هم أعداؤه، المريدون لإهلاكه (كثرة واجتراء) أي : شجاعة وتهور واقدام على فعل ما خطر في النفس من غير نظر في عاقبته.
16 إذ دعا وخده العباد وأنست منه في كل مقلة أقذاء (إذ) ظرف ل(كف) أي: وقت آن (دعا) أي: طلب حال كونه (وحده العباد ) كلهم إلى عبادة الله، وترك ما هم عليه من الجهالات والأباطيل والضلالات (و) إن (أمست) أي : حصلت؛ إذ أمسى يستعمل كثيرا في ذلك (منه) في كل الأزمنة (في كل مقلة) منهم، وهي: شحمة العين التي تجمع السواد والبياض (أقذاء) جمع قذى، وهو: ما يسقط في العين مما يؤلمها ويكدرها، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم في ابتداء آمره مع وحدته وقلة عضده وناصره كان يدعوهم إلى الايمان بالله وحده، وينادي عليهم في آنديتهم بتسفيه أحلامهم وسب الهتهم ورميها بكل عيب وسوء، فيبالغون- حتى أقرب أقاربه كعمه أبي لهب - في إيذائه والتجرؤ عليه لكثرتهم ووحدته، وهو- مع ذلك- محروس بحراسة الله تعالى، مكلوء بكلاءته محفوظ بحفظه، متماد على ما هو فيه، غير ملتفت لأذاهم، بل صابر عليه الصبر الجميل، وأمره لا يزداد إلا ظهورا وعلوا ، وأصحابه وأعوانه يكثرون ويتقوون على أعدائهم شيئا فشيئا، إلى أن أمكنه الله تعالى من نواصي أعدائهم ، فأذاق من بقي منهم على كفره الهوان، وأحل من خضع منهم لعزته مأمن البقاء والأمان: ومما ينبئك بعظيم إيذائهم له ونصره عليهم: ما ذكره أهل السير: آن عمرو بن
مخ ۱۸۲