120

مينه مکيه

ژانرونه

============================================================

انتقل كما ذكر للكن الله سبحانه أكرم عبد المطلب فأحدث فيه - كما يدل على ذلك سياق القصة حين احتاج إلى كرامة عظيمة تخلصه وماله من ذلك الملك وجنده الذين طغوا في العتو والجراءة على الله تعالى وعلى بيته الذي أحمع الأمم من لدن إبراهيم على صيانته وتعظيمه وأنه لا يحاكى ولا يغالب - نورا يحاكي ذلك النور الذي استقر في آمنة(1)، بل مع زيادة حتى صار في جبهته كالشمس ثم أكرمه ثانيا بنور آخر أوجده في صلبه واطلع الفيل عليه فسجد؛ ليعلم الخلق بهاتين الكرامتين أن جميع ما وقع في قصة الفيل إنما هو من كمالات الإرهاص؛ لتحقيق نبوة نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل وجوده مع الإشارة إلى آنه سيظهر دينه على الأديان كلها، وأنه لا يناوثه أحد إلا أهلكه الله واستأصل أتباعه حتى لا يبقى منهم أحد إلا الشاذ ليخبر الناس على الكيفية التي أخذهم الله بها ، وإلى أن ربه سبحانه وتعالى سيعطيه من خوارق المعجزات وباهر الايات ما لم يعطه لنبي مرسل ولا ملك مقرب؛ لأن هذذا الأمر الباهر إذا وقع لأجله وهو حمل لم يبرز في الوجود..

فما بالك بما سيقع له بعد وجوده ؟! ثم في تنويع كرامة عبد المطلب لكون أحد ذينك الباهرين ظهر للناس وشاهدوه، والثاني بطن فيه ولم يطلع عليه إلا الفيل فسجد له.: الإشارة الباهرة أيضا إلى أن الله سبحانه وتعالى سيظهر آيات ذلك الحمل وكراماته إلى حد لا يمكن أن يخفى عليه من ذلك شيء، وإلى أنه سيطلعه على حقائق علومه الباطنة ما أنبأه عنه صلى الله عليه وسلم بعذ في قوله في الحديث المشهور: " فعلمت علم الأولين والآخرين" وإلى أن تلك العلوم الباطنة يطلع الله على بعضها خلفاءه ووارثيه ؟

ليتم لهم حقائق الخلافة وغايات الوراثة، والحاصل: أنه صلى الله عليه وسلم كان له مقامان باهران : ظاهر في العالم كالشم، وباطن يوجب خضوع سائر الأرواح الكاملة من البشر وغيرهم بين يديه واستمدادهم منه وأنه الممد لسائر الكمل من لدن وجودهم إلى ما لا غاية له ولا انقضاء: ولما أصبح أبرهة بالمغمس وهيا فيله وجنوده لدخول مكة.. برك الفيل في محله بناء على الأصح: أنهم لم يدخلوا الحرم، وقيل: دخلوه وإنما برك لما وصل إلى وادي محسر، ولذلك سمي بذلك؛ لأن فيلهم حسر- أي: أعيى فيه- فضربوه في (1) قوله : (نورا) هو مفعول قوله : (فأحدث)

مخ ۱۲۰