امرأة من كرام النساء وأفاضلهن وهي امامة بنت زينب بنت رسول الله وكان قد تزوجها امير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة الصديقة الزهراء عليها السلام بوصية منها ، وجاء في وصيتها له كما ترويها جميع الآثار ، وأوصيك يا ابن العم ان تتزوج بعد وفاتي من امامة ابنة اختي فانها ستكون لولدي مثلي ، وبالفعل فلقد كانت امامة كما كانت ترجوه منها خالتها من ناحية عطفها ورعايتها لأولادها بالإضافة إلى ما كانوا ينعمون به من رعاية ابيهم الذي كان يلقنهم من اسرار الكون وغوامضه ، وظلت العقيلة في رعاية ذلك البيت الكريم بيت النبوة والإمامة إلى ان تجاوزت سن الطفولة الى مطلع الصبا والشباب ، ونساء المسلمين يومذاك كان من عادتهن ان يخرجن ليلا لزيارة قبر النبي وأداء فريضة العشاء إلى جواره كما كان يفعل الرجال ثم يرجعن الى بيوتهن وملامح السرور والبهجة بادية على وجوههن وأرادت العقيلة ان تخرج لزيارة قبر جدها والصلاة إلى جواره كما يفعل النساء ، ولكن والدها لم يشأ لها ان تخرج كما يخرج غيرها من النساء والمسجد مملوء بالزائرين والمصلين من الرجال فكان يخرج معها بعد ان يعود الزائرون الى بيوتهم ويخرج الحسن والحسين عن يمينها وشمالها ويتقدمهم هو ليخمد ضوء القناديل اذا وجد في مرقد جدها احد من الرجال ، وذات ليلة ارادت ان تخرج في اول الليل مع الزائرات اللواتي كن يخرجن لأداء الصلاة فخرج يتقدمها ليخفت ضوء المصابيح ، وفجأة أحس المصلون من الرجال والنساء ان ضوء المصابيح اخذ يخفت واحدا بعد واحد خفوتا ظاهرا وعلى عجل وظل يضيق ويضعف حتى شمل المسجد كله ضوء مختنق ولم تبق من الضوء الا ومضات ضئيلة توشك ان تنطفىء فيعم الظلام المسجد والحرم من كل جوانبهما فتطلعت العيون الأشعث بن قيس الكندي كما جاء في بعض المرويات ، ففي بعض الأيام الغاضبة لتتعرف من هو الذي أضعف تلك المصابيح واحدا بعد واحد ولم يترك منها سوى ومضات ضئيلة لا تجديهم شيئا ، ولما عرفوه تركوه يفعل
مخ ۸۷