ثم إن موسى عليه السلام قاتل ثلاثة أيام بعد انقضاء الهدنه، ومباينتهم له وبدوهم بالحرب لما نفذت مكيدتهم، فكل ما لقي أصحاب موسى العدو لم تثبت أقدامهم وانهد جيشهم؛ فيصيح موسى: عطاف! فلا يعطف أحد. فأقام ثلاثا على هذا الحال، ثم قال: أنا نبي الله وكليمه لقد عصيتم، وهبط إليه الوحي: أن ائت خباء من أخبية أصحابك فانظر ما فيه. فلما أتى الخباء إذا فاسق على فاسقة، فطعنهما بحربته، فشكهما جميعا وهما على قبيح فعلهما، ورفعهما وصاح، وكان صيتا شديد القلب، شديد القوة: يا بني إسرائيل هذا الفعل الذي يقلبكم على أعقابكم عند القتال، وشالهما حتى نظر العسكر اليهما وهو يهزهما، وهو حديد عجل الكلام قد أزيد على بني إسرائيل أسفا وغيظا وغيرة على من عصى الله، وشدة في ذات الله عز وجل، فلما رأت ذلك بنوا إسرائل اجتمعوا إليه وقالوا: نجدد البيعة، والعهد لله، ونصح التوبة. فاصطفوا للصلاة والدعاء، وبسط نبي الله كساه، وكان لهم دليلا على قبول توبتهم أن تجتمع فيه ألوان شتى، فيعلمون أن قد قبلت توبتهم.
مخ ۷۳۹