وأنشأ يحدثنا عن حرب موسى بن عمران النبي صلى الله عليه بأحاديث عجيبة، فكان مما حفظنا عنه أنه قال: إن رجلا كان يقال له بلعام بن باعورا الحوباني، وكان عالما بالغا في العلم، قد قرأ الصحف الاولى، وكان معه أسماء الله تعالى وكان يدعو بها بنية فتجاب دعوته، وكانت بنوا إسرائيل قد عظمته، وذلك في زمان موسى عليه السلام وجعلوه لهم ربانيا، وجبوا إليه. فكانوا إذا قحطوا أو نالهم مكروه أتوه، فدعا لهم بأسماء الله سبحانه فتجاب دعوته، وذلك قبل موسى، فلما أدرك نبوة موسى وسمع خبره أدركه الحسد والنكد؛ فقال: هذا يزيح مرتبتي ورئاستي. فأتاه العدو فقالوا له: ادع لنا على موسى بن عمران. فأجابهم إلى ذلك، فلما ركب أتانا له يريد أن يدعوا لهم عليه بمكان مجتمعهم كلمته الأتان، فقالت: أتدعو على نبي الله؟! إنك من الغاوين. فرجع وقال: لست أدعوا عليه، ولكني أحتال لكم عليه وعلى أصحابه بحيلة يكون الظفر لكم عليهم والغلب. أشير عليكم أن تهادنوه وتعدوه أن تطيعوه وتسلموا له، فإذا فعلتم ذلك أرسلتم النساء البغايا إلى عسكره متزينات متعطرات، كأنهن يبايعن ويشارين في عسكره، فإن عسكره يصيبون المعاصي ويفسد إيمانهم بمواقعتهم المعاصي، فيرفع عنهم النصر، ويستحقون بالمعصية الخذلان، ولا تثبت أقدامهم عند اللقاء فيهتزمون عنكم. ففعلوا ما أمرهم به حتى نفذت حيلته ومكره فيهم، ونسي ما وعظ به، وأدركه الحسد والبغي الراجع عليه وباله.
مخ ۷۳۸