له نقله تر ابداع پورې

حسن حنفي d. 1443 AH
146

له نقله تر ابداع پورې

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث

ژانرونه

49

وليس ابن رشد مؤرخا للفلسفة بمعنى الرصد الموضوعي لتاريخ الأفكار، بل هو يعيد قراءته مئولا أرسطو ومحافظا عليه. ولا فرق بين المؤلف والناسخ والقارئ والحامل، الكل ينتسب إلى النص باعتباره عملا حضاريا جماعيا، فيقدم الناسخ العمل ويطلب الرحمة للمؤلف. ولما كان الناسخ يكتب ما يفهم، فقد توجد بعض الأخطاء التاريخية في نسبة النص إلى صاحبه أو إلى موضوعه، وبطبيعة الحال تتفاوت نشرات النصوص بين النشرات غير المحققة في الهند، والنشرات المغالى في تحقيقها في المغرب.

50 (ج) وتبين كل رسالة على حدة أولوية تمثل الوافد على تنظير الموروث؛ ففي رسالة «في لزوم جهات النتائج من المقدمات» يتصدر الوافد على الموروث.

51

يأتي أرسطو أولا، ثم الإسكندر، ثم ثاوفرسطس وثامسطيوس، ثم أودميوس. وأسماء الفرق كلها من الوافد، ثم المفسرون المتأخرون، ثم المتقدمون. كما أن كل الإحالات من الوافد، مثل القياس والبرهان.

52

الموضوع هو تبعية النتائج إلى جهات المقدمات في القياس. والمفسرون فريقان؛ المتأخرون: الإسكندر وثامسطيوس وأبو نصر. والمتقدمون: ثاوفرسطس وأوديموس. وقد توهم المتأخرون في تحديد المقدمات الوجودية عند أرسطو في الزمان؛ أي المقدمة الموجودة بالفعل، بينما قال المتقدمون، مثل ثاوفرسطس، بوجود المحمول للموضوع بإطلاق، لا فرق بين الفردي والضروري والممكن. وقد اتفق المفسرون على ذلك، مع أن ظاهر كلام أرسطو يوحي بتحديد زمان للمقدمات لأنها مطلقة. وتطلق المقدمة الوجودية على الضروري والممكن معا، ومع ذلك أخطأ المفسرون، مثل الإسكندر والفارابي، في تحديد زمانها وأنواعها. يرى الإسكندر وتابعه في ذلك أبو نصر أن المقدمات توجد في زمان محدود ، وهو غير صحيح؛ فالمطلقة العامة ليست الوجودية المخصوصة. حجة الإسكندر أن شرط المقول على الكل أن يكون له مادة، وأن تكون بالضرورة أو بالإمكان أو بالفعل، وهو ما أوهم ابن رشد في شبابه، وجعله يعتقد شرط القول على الكل في المقدمة الضروري، أي الكبرى، على مذهب الإسكندر. وكما حل الإسكندر الشكوك على أرسطو بعد خمسة قرون، فقد حل ابن رشد شكوك الإسكندر بعد ألف عام. ويبدو أثر علم الحديث عند الشراح المسلمين في تحديد زمان الرسل وزمان النصوص، وكأن المقدمة المنطقية رواية لها زمانها وأجيالها المتعاقبة، والمطلقة ليست هي الوجودية المخصوصة بوقت. ويعتمد ابن رشد على الشراح المسلمين الفارابي وابن سينا في فهمهم لأرسطو، إن النتيجة تابعة للمقدمة الكبرى، وإن كانت في المختلطة تابعة لأخس المقدمتين، بل احتج ابن سينا لمذهب أرسطو بالمقول على الكل كشرط لإنتاج القياس. وداخل الفارابي شك؛ لأنه أراد أن ينتقل من صورة القياس إلى مادته في الإنتاج، فكيف يشترط أرسطو في إنتاج القياس من قبل صورته ما يوجد في مادته؟ أرسطو الصوري على حق في تبعية النتائج للمقدمات في القياس من حيث صورته. ويحيل ابن رشد إلى كتاب البرهان مفسرا الجزء بالكل، والقضية بالمذهب. ويبدد شكوك الشراح اليونان، مثل الإسكندر، وهو أن شرط المقول على الكل عند أرسطو هو أن تكون «أ» ضرورية، و«ب» ممكنة بالفعل. وقد شك أبو نصر أيضا في أن تكون المقدمة الكبرى ضرورية، والصغرى ممكنة، ولا يكون القياس باطلا؛ فالأولوية عند أرسطو للضروري على الممكن، وللوجودي بالفعل على الوجودي بالقوة، والأهم هو الكبرى لا الصغرى؛ لأن الكبرى هي التي تحدد جهة النتائج. ويبدو ذلك في الشكل الأول، وفي الشكلين الثاني والثالث بعد ردهما إلى الأول، وإعطاء الأولوية للأول على الثاني والثالث؛ لأن الأول أشرف فكر ديني مقنع، وإسقاط للقيمة على أشكال القياس الصورية. وهذا كله يبين لمن ارتاض هذه الصناعة. والحكم بين أرسطو وشراحه في حاجة إلى خبرة طويلة بصناعة المنطق. وقد فهم ابن رشد أرسطو أخيرا، فاكتملت الحكمة النقلية به عندما أوتيت له، كما اكتملت الحكمة النظرية والعملية بالكندي والفارابي وابن سينا.

ويعتمد ابن رشد في نقده للشراح دفاعا عن أرسطو على أرسطو نفسه بعد أن يكون قد درس الموضوع بنفسه حتى يحكم بين الخصمين، ويرفض اقتراح الشراح بوجود خطأ في النسخ كحل لحيرتهم وشكوكهم ما دام يمكن حل الشك عقلا بالعودة إلى نص أرسطو وحسن فهمه، وافتراض الصحة التاريخية وارد من علم الحديث وعلم أصول الفقه. يعرض حجج أرسطو وحجج الشراح، مسلمين ويونان، ثم يبين مدى اختلاف الشراح واتفاقهم مع مذهب أرسطو، ثم ينقد الشراح لمخالفاتهم للمذهب. ويبين أسباب سوء التأويل والفهم دفاعا عن المذهب بالرغم من اعتذار الكل بنص أرسطو تمحكا به. وينتهي ابن رشد إلى حسن الظن بأرسطو، ونهاية الشكوك والتأويلات الفاسدة من الشراح. وقد أتت هذه الشكوك إلى الشراح من جهة اشتراك الاسم، وهو أمر في غاية الخفاء لخفاء المعنى إذا لم يصرح أرسطو في كتاب «البرهان» بأن جهات النتائج تتبع جهات المقدمات الكبرى في مادتها وجهتها، بل من حيث صورتها فحسب. وقد أطلق أرسطو القول ونبه على ذلك.

53

مسار الفكر في التاريخ هو سوء الفهم والانحراف والخروج على الأصل الأول. وكلما توالت الأجيال فإن الجيل اللاحق يقلد الجيل السابق ويقع في أوهامه. هذا هو مصير أرسطو بين الشراح اليونان أولا والمسلمين ثانيا، من المتقدمين مثل ثاوفرسطس وأوديموس، ومن المتأخرين مثل الإسكندر وثامسطيوس وأبى نصر. ويقوم ابن رشد بمهمة تصحيح الانحراف وتصويب الخطأ، والتحول من الظن إلى اليقين، وتلك مهمة الأجيال، وفعل التقدم في التاريخ، من المتقدمين إلى المتأخرين بعد أن أضل المتقدمون المتأخرين. التاريخ قبل ابن رشد انهيار وتقليد، وبعده نهضة وإبداع. لقد أضل متقدمو الشراح، مثل ثاوفرسطس وأوديموس، المتأخرين، مثل ثامسطيوس وأبي نصر، وتابع المتأخرون وهم المتقدمين؛ فالتقليد يؤدي إلى الانهيار.

ناپیژندل شوی مخ