له نقله تېرېدل ته خلاقیت ته (لومړی ټوم نقل): (۲) متن: ژباړه – اصطلاح – تبصره
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
ژانرونه
تحذف الترجمة كل ما هو غير دال، ولا يحسن توظيفه في البيئة الثقافية الجديدة؛ فهو حذف مقصود وليس نقصا عن سهو أو خطأ أو عدم فهم، يكمله الناشر الحديث وكأن النص اللاتيني هو الأصل، والترجمة العربية هي الفرع. غيابه في الترجمة لا يدل على حضوره في النص المترجم، ووجوده في النص المترجم لا يدل على غيابه في الترجمة؛ من ثم لا يجوز للناشر الحديث إرجاع المحذوف من الترجمة القديمة، حتى تكون كاملة مطابقة للنص المترجم.
9
وقد يقوم المترجم بتجاوز الحذف إلى الاختصار، مثل الخطبة التي استهل بها المؤلف الجزء السادس. كما اختصر عديدا من الصفحات في آخر الفصل وتصرف فيها، ولم يترجم البنود التفصيلية فيه؛ هذا المحذوف لا يناسب غرض الترجمة الجديد في البيئة الثقافية الجديدة، مثل بعض الموضوعات الكلامية عن قدم الله وحدوثه والذات والصفات والأفعال؛ فعند المسلمين خير منها. صغر جزء المسيح بالنسبة للجزء الإثني، وكبر حديث الأرض عن حديث السماء؛ فقد نقل المترجم مدينة الأرض واختصر مدينة السماء. ترك الجسد وركب روحا آخر عليه؛ فالسماء قاسم مشترك بين التراثين، المسيحي والإسلامي. التلخيص مرحلة متوسطة بين النقل والإبداع، التركيز على النص المترجم من أجل إفساح المجال للترجمة المؤلفة. لم يتابع المترجم النص بل أسقط وعدل واختصر، وتصرف وأضاف مثل التاريخ من آدم حتى القرن الرابع، ثلثه من الأصل والباقي من مصادر أخرى. وإذا كانت الترجمة للخليفة فإنه من الأفيد له حذف كثير من تاريخ اليهود والنصارى، وإدخال تاريخ أكثر دلالة له ينبع من مخزونه الثقافي، أو إعطاء تفاصيل وزيادات تتعلق بأوروبا الفرنجية، التي يناطحها المسلمون في الأندلس.
10
والإضافة توضيح للمعنى وإيجاد حوامل للدلالات، مثل كثير من الأنساب في بيئة نسيب، بدلا من أسماء الأعلام الرومانية غير الدالة في الوعي العربي الإسلامي. وقد يضيف النص ما يفيد التمايز بين الأنا والآخر، مثل الحكم على الرومان بأنهم من أجناس الفرنجة. وقد يضيف أمثالا جديدة في بيئة ثقافية تضرب فيها الأمثال. وتبدو في إضافة المصطلحات العربية والألفاظ الإسلامية؛ ومن ثم لا يجوز من الناشر الحديث حذف هذه الإضافات القديمة حتى تطابق الترجمة النص المترجم. وعادة ما تكون الإضافة أكثر من الحذف لمزيد من البيان والإيضاح وإيجاد الدلالات الجديدة، وإعادة توظيف الترجمة في البيئة الجديدة. هناك صفحات بأكملها في الترجمة لا وجود لها في النص المترجم.
والسبب في ذلك ليس اعتماد المترجم على مصادر أخرى استقى منها معلوماته بل لإكمال الناقص؛ فلا فرق بين الترجمة والتأليف، تحولا من النقل إلى الإبداع. النص المترجم يعطي المعنى أو الدلالة أو الروح، ثم تخلق الروح مادة تاريخية أخرى كنوع من القياس الحضاري، قياس مادة تاريخية جديدة من المترجم على مادة تاريخية قديمة من النص الأول لتشابه بينهما في المعنى. هناك عبارات جديدة من وضع المترجم العربي مثل بناء الإسكندر للإسكندرية، أتت قياسا على بناء القواد للمدن زيادة في الإيضاح لبيئة ثقافية مغايرة. إن كثيرا من الأنساب مخترعة؛ إذ لا يهم النسب التاريخي للرومان، بقدر ما تهم عقلية النسب العربية من أجل الوعي بالتاريخ طبقا لعادة العرب.
11
وتتجاوز الترجمة الحذف والإضافة إلى التأويل والقراءة؛ فلفظ المؤرخ في النص يترجم بالفيلسوف؛ لأن المؤرخ صاحب رؤية؛ ولأن الفيلسوف مؤرخ والمؤرخ فيلسوق. ولفظ المختصر في النص يترجم بالمؤول؛ لأن الاختصار تأويل كيفي وليس مجرد نقص كمي. وقد تستعمل الألفاظ بمعانيها الاشتقاقية أو المجازية. لا يوجد خلط في الترجمة بل إعادة قراءة للنص المترجم، بناء على فهم مغاير. ولا يوجد تحريف في الترجمة؛ لأن غايتها ليست نقل النص المترجم، بل إعادة فهمه وإنتاجه من رؤية مخالفة وبفهم جديد. لا يوجد سوء فهم للنص المترجم بل تحول دلالي له. لا يوجد خطأ وصواب في الترجمة؛ لأنه لا توجد مطابقة بين النصين، بل هناك قراءة وتأويل وإعادة كتابة وتأليف غير مباشر. لا يوجد «خطأ فاحش» فهم القدماء غيرهم المحدثين؛ ومن ثم لا يجوز تصحيح الترجمة بناء على النص المترجم؛ لأن الهدف من الترجمة ليس المطابقة مع النص المترجم ونقله حرفيا، بل إعادة نقله من بيئة ثقافية قديمة إلى بيئة ثقافية جديدة، ومن قراء قدماء إلى قراء محدثين. والأسلوب القديم لا تصححه المعاجم الحديثة. لا توجد غرابة في التعبيرات إلا لبعد الناشر الحديث عن الأسلوب العربي القديم. ويتغير الإحساس باللغة من عصر إلى عصر، ومن بيئة إلى بيئة.
12
ومن ثم لا توجد معاني الألفاظ في معاجم اللغة؛ لأنها داخلة في سياق أعم، اشتقاقا أو مجازا مثل استعمال فعل عرض بمعنى عارض. كذلك تختلف الأعداد من الترجمة إلى النص المترجم، من أجل زيادة التأثير في المبالغة والتصوير. ولا تهم الأماكن وأسماء الأعلام بل دلالتها. يمكن إسقاط أسماء أعلام وأماكن غير دالة، وإضافة أسماء أعلام وأماكن أخرى أكثر دلالة؛ فالترجمة تعامل مع المعنى وليس حوامله؛ فمثلا يترجم لفظ دكتاتور بألفاظ كثيرة مثل قائد، صاحب الأوامر طبقا للمعنى الاشتقاقي الأول، وليس المعنى الاصطلاحي الذي استمر في الذهن المعاصر، التفرد بالتسلط. ولا تهم دقة التعريب أي النقل الصوتي؛ فهذه لها أساليب عديدة طبقا للهجات والأقاليم، خاصة وأن المترجم لم يسمع اللاطينية، ولكنه قرأها وافترض أصواتها. وهذه أيضا لها اختلافاتها داخل الناطقين بها، مثل حرف السين والشين على التبادل في اسم المؤلف هوروسيوس أو هوروشيوس. وربما يختلف نطق القدماء عن نطق المحدثين؛ ومن ثم لا مجال للحكم بالخطأ في الأسماء نطقا وكتابة، تعريبا ونقلا؛ لذلك يذكر المترجم التقابل بين اللسانين العربي واليوناني، وأحيانا اللسان السرياني. كما يفرق بين اللسان اليوناني واللسان اللاطيني.
ناپیژندل شوی مخ