له نقله تېرېدل ته خلاقیت ته (لومړی ټوم نقل): (۲) متن: ژباړه – اصطلاح – تبصره
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
ژانرونه
4
فهل الكتاب على هذا النحو يخدم الغاية التي طلبها أوغسطين، لتبرئة المسيحية بالهجوم على الوثنية استكمالا لمدينة الله، أم إن المقصود بيان حروب الوثنيين وقسوتهم، حتى تصح الأخلاق المسيحية عن طريق برهان الخلف؟ وهل رفض المترجم العربي التوجه الدلالي للكتاب، وفصل الجسد عن الروح من أجل تركيب دلالة أخرى عليه؟ قد يكون المترجم أكثر وعيا من المؤلف وأكثر حرية في إعادة توظيف النص وإخراجه من بيئته الأولى إلى بيئة ثانية؛ فهو يعيد كتابة النص، ولا يترجمه ترجمة حرفية، كما تفعل الترجمات هذه الأيام، اعتمادا على القواميس والمعاجم ودوائر المعارف، كي تكون مطابقة للأصل.
ويتضح من الترجمة التحول من مركزية الرومان في الأصل المترجم إلى مركزية المسلمين في النص الجديد؛ فالترجمة علاقة قوى. وكان من السهل القيام بهذا التحول نظرا لحضور الشرق، آسيا وأفريقيا، إلى مركز آخر بديلا عن المركز الروماني، من شمال البحر المتوسط إلى جنوبه، على عكس أوغسطين الذي أراد الإبقاء على مركزية الشمال روما مع أنه من أهل الجنوب، شمال أفريقيا. تحضر الهند وفارس في النص الأول أطرافا لروما، وفي النص الثاني جناحا شرقيا للعالم الإسلامي، والجغرافيا في كلتا الحالتين أساس التاريخ حتى ابن خلدون، ويتحول الغرب الروماني إلى محيط للمركز الإسلامي، إحساسا ببلاد الفرنجة في الشمال، وكانت فلطسين في شرق البحر المتوسط منذ القدم بؤرة الصراع بين شماله وجنوبه.
5
وهي ترجمة عربية رصينة بأسلوب عربي قديم، وبمصطلحاته التي قد لا تتفق مع الترجمة الحرفية القاموسية المعجمية الحديثة، التي تقوم على نظرية المطابقة، مطابقة الترجمة مع النص المترجم، فالترجمة فرع والنص المترجم أصل، وأي خروج على ذلك بالحذف أو الإضافة أو التأويل، فإنه يكون خروجا على النص الأصلي، فالنص اليوناني هو الأصل، والترجمة العربية الفرع، وتصح الترجمة إذا ما طابق الفرع الأصل حذو القذة بالقذة، مع أن الترجمة هي إعادة قراءة وإعادة كتابة، ليس فقط بين النص اللاتيني والترجمة العربية، بل بينه وبين الترجمة اليونانية أو الترجمات الأوروبية الحديثة، ويعني هذا التصور لعلاقة الفرع بالأصل تصور الترجمة تابعة للنص المترجم علاقة المحيط بالمركز، الشرح بالمتن. الترجمة تأليف غير مباشر، إعادة كتابة النص الأول بلغة أخرى، وبغرض آخر، وفي بيئة ثقافية مغايرة، الترجمة تأليف غير مباشر، ليست نقلا حرفيا، تتبع بناء الجملة العربية وليس بناء الجملة اللاتينية.
6
الترجمة نقل حضاري، ومن الطبيعي أن يحدث فيها حذف وإضافة وتأويل؛ فكثير من الوقائع في النص اللاتيني لا دلالة لها، مجرد وقائع خالية من المعنى تحذفها الترجمة. وهناك وقائع أخرى تضيفها الترجمة أكثر دلالة وإظهارا للمعنى. وهناك كثرة من أسماء الأعلام الأعاجم غير معرفة في البيئة العربية تسقطها الترجمة، وهناك أعلام أخرى أكثر دلالة تضيفها الترجمة، هناك حوادث كثيرة وأخبار حروب وعدوان لا تهم البيئة الجديدة. وهناك حوادث كثيرة وأخبار أخرى أكثر دلالة تضيفها الترجمة، ويعترف المترجم بذلك صراحة «وتركنا ذكرها إذا كانت أسماؤها غير معروفة في اللسان العربي». هناك حكايات شعبية وحوادث غير دالة وكأنها حوليات وخاطرات. قواد تحذف من الترجمة وتوضع مكانها حوامل أخرى، أكثر قدرة على حمل الدلالات، كما هو الحال في القصص القرآني في الصلة بين التاريخ والموعظة. وهي فترة مهمة، الفترة السابقة على ظهور الإسلام بقرن ونصف، والتي يصدر عليها الإسلام أحكاما بتحريف النصوص وسوء تأويل العقائد وعصيان الشريعة من أهل الكتاب.
7
ويبدو أن الناشر خازن علم، وربما أتت إحصائياته على الحذف والإضافة بين الترجمة والأصل، اعتمادا على دراسات المستشرقين القائمة على الأثر والتأثر، مثل معظم دراساته السابقة. وهنا تبدو أهمية الباعث الوطني في البحث العلمي خاصة في العلوم الإنسانية. خلا البحث من الدلالة والموقف؛ فالعلوم الاجتماعية علوم وطنية. مشكلة الاستشراق مشكلة التحريف، تحريف التوراة والإنجيل وكل الوثائق التاريخية، ومشكلة الترجمة التحول من النقل إلى الإبداع. النقل مقدمة للإبداع وليس غاية في ذاته تطابق التاريخ. النقل معنى يولد وقائع جديدة؛ فهذه ليست معضلة «لا حل لها»، بل حلها في منطق النقل الحضاري. لا يهم الواقع التاريخي بل معناه، خاصة وأنه تاريخ غير دال كله حروب وظلم وعدوان وموت، وجنس ودين وسلطة، المحرمات الثلاثة عند المعاصرين ودوافع الحروب عند القدماء . والقضية هي: هل هذا التاريخ ميدان لتحقيق الوعد الإلهي أم إنه ميدان لصراعات البشر؟
8
ناپیژندل شوی مخ