177

له عقیدې نه تر ثوراته (۲): التوحيد

من العقيدة إلى الثورة (٢): التوحيد

ژانرونه

157

الرؤية إذن اقرب إلى رؤية العلم، أي رؤية الشيء في الشعور بعد العلم به دون ما حس أو شعاع أو عين أو موضوع، رؤية يشعر بها الإنسان في قلبه كحالة شعورية لموضوع شعوري، هي رؤية الكشف العلمي، رؤية الموضوع في الشعور أو حدس الماهيات.

موضوع الرؤية إذن مرتبط بنظرية العلم ووسائل المعرفة: هل تتم معرفة الشيء بآثاره أم بذاته أم برؤيته رؤية العين؟ وهو ما يماثل درجات المعرفة عند الصوفية، المعرفة الحسية والمعرفة العقلية والمعرفة القلبية، علم اليقين، وحق اليقين، وعين اليقين، وهي المعرفة التي استمد منها الفلاسفة أيضا أنواع المعارف العقلية.

158

ومما لا شك فيه أن المعرفة من النوع الأول يتفق عليها الناس جميعا. أما المعرفة من النوع الثاني فعليها خلاف، وهو العلم بذات الله، والعلم بذات الله مستحيل، والعلم بآثاره هو الممكن. أما النوع الثالث، رؤية الله، فهو مستحيل أيضا لأن الله ليس موضوعا للرؤية كما أنه ليس موضوعا للعلم. إنما العلم موضوعه كلام الله، أي الوحي كقصد نحو العالم وكنظام له، فإذا كان النوع الثاني مستحيلا فالأول والثالث ممكن. العلم بذات الله مستحيل، ومعرفة آثاره الطبيعية ونظمه الاجتماعية والسياسية ممكنة. ليس في إثبات الرؤية كموضوع أي مدح أو تعظيم أو ثناء عليه، بل يعني مجرد الكشف عن الذات الخالص وأخص ما يميزه وهو التعالي، وأنه من عالم المعاني وليس من عالم الأشياء. المدح ليس للذات أو لأفعالها، بل هو تمثل قيمة التعالي في الشعور.

159

وتحليل الرؤية تحليلا علميا يمنع من خلق الأوهام وبناء الأساطير، وهو كله مخالف للواقع، ولا يوجد حل وسط بين الواقع والوهم. فإما أن يرى الإنسان أو لا يرى، وليس هناك شيء لا يراه الإنسان أو أن يرى الإنسان لا شيء. ذلك هو كمال العقل، أما العلم فإنه يجوز فيه الخفي والجلي وتلك مهمة الإيضاح. يزداد يقين الإدراك بالجماعة، أي بالإدراك الجماعي والاتفاق في الرؤية، وذلك هو أحد مقاييس موضوعيتها. وكل حكم على الغائب فإنه يقوم بالضرورة على قياس الغائب على الشاهد والتعميم بالقياس وهو أساس الفكر الديني.

160

ولما كانت اللغة أساسا هي المعنى، فإذا تعارضت مع المعنى فالأولوية للمعنى. ولكن نظرا لا تعارض اللغة المعنى، وأن التحليل اللغوي لا يعارض التحليل العقلي. فإذا أعطت اللغة معنيين وأعطى العقل معنى واحدا، فإنه يؤخذ من معنى اللغة المعنى المتفق مع ما أعطاه العقل. وإذا استحال اتفاق اللغة مع المعنى أصبحت اللغة مجازا. والمجاز ليس خروجا على اللغة، بل هو من طبيعتها. المجاز حلقة الاتصال بين اللغة والعقل. إن وسيلة التعرف على الله العقل والوجدان وليس العين والمشاهدة؛ لأن الله لا يرى إلا بوسائل المعرفة على ما هو معروف في نظرية العلم، والمحسوسات أولى مراحل المعرفة بالإضافة إلى الوجدانيات والمعقولات والمتواترات. والله ليس شخصا أو ذاتا أو موضوعا ثابتا، بل حياة وحركة ونشاط. وإذا قيل إن النظر هو الانتظار، فمعناه توجه الشعور نحو شيء دون تحديد للشيء. كل شعور يتجه نحو شيء. بنية الشعور أنها تؤشر نحو شيء وتنطلق نحو شيء دون أن يكون هذا الشيء واقعة حسية في العالم الخارجي. ولا فرق بين المجسمة وأهل السنة وأصحاب الحديث ما دام المعبود مشابها للجسم، فإنه يكون مثله مرئيا بالإبصار بناء على الخبر وإن لم يكن بناء على تحليل الواقع أو اعتمادا على سلطة العقل أو على دوافع نفسية حددتها الظروف الاجتماعية للجماعة كما هو الحال في التجسيم. فلولا الخبر لما قيل بالتشبيه؛ لأن التشبيه تفسير خاطئ للخبر وعدم دراية بطبيعة اللغة وبوظيفة الصورة الفنية وبتعدد وسائل التعبير. لا يثبت الخبر شيئا، بل يعطي صورة فنية للإيحاء للجماهير بمعان نفسية ويوجهها نحو مقاصد واتجاهات في العالم. المقصود هو الأثر النفسي وليس إثبات الشيء المادي. التشبيه خطأ لغوي في الحقيقة والمجاز يصبح فيه المجاز حقيقة، وتتحول فيه الصورة الفنية إلى شيء مادي. لذلك يحيل البعض الإشكال كله إلى النصوص لحل التعارض بين الحجج النقلية وإلا فلا حيلة إلا التأويل.

161

ناپیژندل شوی مخ